أحد البيان ليوسف
أَمَّا مِيلادُ يَسُوعَ المَسِيحِ فَكانَ هكَذَا: لَمَّا كانَتْ أُمُّهُ مَرْيَمُ مَخْطُوبَةً لِيُوسُف، وقَبْلَ أَنْ يَسْكُنَا مَعًا، وُجِدَتْ حَامِلاً مِنَ الرُّوحِ القُدُس.
ولَمَّا كَانَ يُوسُفُ رَجُلُها بَارًّا، ولا يُرِيدُ أَنْ يُشَهِّرَ بِهَا، قَرَّرَ أَنْ يُطَلِّقَهَا سِرًّا.
ومَا إِنْ فَكَّرَ في هذَا حَتَّى تَرَاءَى لَهُ مَلاكُ الرَّبِّ في الحُلْمِ قَائِلاً: «يَا يُوسُفُ بنَ دَاوُد، لا تَخَفْ أَنْ تَأْخُذَ مَرْيَمَ ٱمْرَأَتَكَ، فَٱلمَوْلُودُ فِيهَا إِنَّمَا هُوَ مِنَ الرُّوحِ القُدُس.
وسَوْفَ تَلِدُ ٱبْنًا، فَسَمِّهِ يَسُوع، لأَنَّهُ هُوَ الَّذي يُخَلِّصُ شَعْبَهُ مِنْ خَطَايَاهُم».
وحَدَثَ هذَا كُلُّهُ لِيَتِمَّ مَا قَالَهُ الرَّبُّ بِالنَّبِيّ:
هَا إِنَّ العَذْرَاءَ تَحْمِلُ وتَلِدُ ٱبْنًا، ويُدْعَى ٱسْمُهُ عِمَّانُوئِيل، أَي ٱللهُ مَعَنَا.
ولَمَّا قَامَ يُوسُفُ مِنَ النَّوْم، فَعَلَ كَمَا أَمَرَهُ مَلاكُ الرَّبِّ وأَخَذَ ٱمْرَأَتَهُ.
ولَمْ يَعْرِفْهَا، فَوَلَدَتِ ٱبْنًا، وسَمَّاهُ يَسُوع.
أحاديث، 19
كم كان هذا القدّيس الكبير، الّذي نحتفل بِعيده اليوم، أمينًا في التواضع! لا نستطيع أن نقول هذا على قدر كماله، لأنّه بالرغم ممّا كان عليه من شأنٍ، تأمّلوا أيُّ فقرٍ وانمحاء عاشهما كلّ أيّام حياته! لقد كانت فضائله الكبيرة وكرامته مخبّأة خلف الفقر والامِّحاء... في الحقيقة، أنا لا أشكّ أبدًا بأنّ الملائكة المندهشين قد أتوا فِرقًا فِرقًا ليقدّموا له الاحترام ويتأمّلوا بتواضعه حين كان يحمل هذا الطفل الغالي في مكان عمله الفقير، حيث كان يعمل بمهنته لكي يغذّي الابن وأمّه اللذين عُهِدا إليه.دون أي شكّ، لم يكن القدّيس يوسف أكثر شجاعةً من داود ولم تكن عنده حكمة أكثر من سليمان (أسلافه)؛ ومع ذلك، من يستطيع أن يحكم على تواضعه في ممارسة مهنة النجارة، دون أن يكون منوّرًا بالنور السماويّ، وذلك لكثرة ما كانت كلّ تلك الهبات البارزة الّتي وهبها إيّاه الله مخفيّة؟ فأيّ حكمة لم تكن لديه، وقد أعطاه الله أن يعتني بابنه الأمجد... ملك السماء والأرض؟... ومع ذلك، ترون إلى أي حدّ كان متنازلاً ومتواضعًا أكثر مما نستطيع أن نقول أو نتخيّل...: ذهب إلى بلده ومدينته بيت لحم، حيث لم يُرفَض استقبال أيُّ شخصٍ آخر سواه في كلّ الفنادق... أنظروا كيف أبعد الملاك عنه كلّ الأيدي الشرّيرة: قال له أنّه عليه أن يذهب إلى مصر، فذهب... ثمّ أمره بأن يرجع، فرجع. لقد أراده الله أن يبقى فقيرًا دائمًا... فأطاع هذا الأمر بكل حبّ، ليس لفترة محدودة، بل كان فقيرًا طوال حياته.
#شربل سكران بالله