الأحد الثالث عشر من زمن العنصرة: مثل الزارع
أَخَذَ يَسوعُ يَطُوفُ المُدُنَ وَالقُرَى، يُنَادي وَيُبَشِّرُ بِمَلَكوتِ الله، وَمَعَهُ الٱثْنَا عَشَر،
وَبَعْضُ النِّسَاءِ اللَّوَاتِي شَفَاهُنَّ مِنْ أَرْوَاحٍ شِرِّيرَةٍ وَأَمْرَاض، هُنَّ: مَرْيَمُ المَدْعُوَّةُ بِالمَجْدَلِيَّة، الَّتِي كانَ قَدْ خَرَجَ مِنْها سَبْعَةُ شَيَاطِين،
وَحَنَّةُ ٱمْرَأَةُ خُوزَى وَكِيلِ هِيرُودُس، وَسُوسَنَّة، وَغَيرُهُنَّ كَثِيراتٌ كُنَّ يَبْذُلْنَ مِنْ أَمْوالِهِنَّ في خِدْمَتِهِم.
وَلَمَّا ٱحْتَشَدَ جَمْعٌ كَثِير، وَأَقْبَلَ النَّاسُ إِلَيهِ مِنْ كُلِّ مَدِينَة، خَاطَبَهُم بِمَثَل:
«خَرَجَ الزَّارِعُ لِيَزْرَعَ زَرْعَهُ. وَفيمَا هُوَ يَزْرَع، وَقَعَ بَعْضُ الحَبِّ على جَانِبِ الطَّرِيق، فَدَاسَتْهُ الأَقْدَام، وَأَكَلَتْهُ طُيُورُ السَّمَاء.
وَوَقَعَ بَعْضُهُ الآخَرُ عَلى الصَّخْرَة، وَمَا إِنْ نَبَتَ حَتَّى يَبِسَ، لأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ رُطُوبَة.
وَوَقَعَ بَعْضُهُ الآخَرُ في وَسَطِ الشَّوْك، وَنَبَتَ الشَّوكُ مَعَهُ فَخَنَقَهُ.
وَوَقَعَ بَعْضُهُ الآخَرُ في الأَرْضِ الصَّالِحَة، وَنَبَتَ فَأَثْمَرَ مِئَةَ ضِعْف. قالَ يَسُوعُ هذَا، وَنَادَى: «مَنْ لَهُ أُذُنَانِ سَامِعَتَانِ فَلْيَسْمَعْ!».»
وَسَأَلَهُ تَلامِيذُهُ: «مَا تُراهُ يَعْنِي هذَا المَثَل؟».
فَقَال: «قَدْ أُعْطِيَ لَكُم أَنْتُم أَنْ تَعْرِفُوا أَسْرارَ مَلَكُوتِ الله. أَمَّا البَاقُونَ فَأُكلِّمُهُم باِلأَمْثَال، لِكَي يَنْظُرُوا فَلا يُبْصِرُوا، وَيَسْمَعُوا فَلا يَفْهَمُوا.
وَهذَا هُوَ مَعْنَى المَثَل: أَلزَّرْعُ هُوِ كَلِمَةُ الله.
والَّذِينَ عَلى جَانِبِ الطَّريقِ هُمُ الَّذِينَ يَسْمَعُون، ثُمَّ يَأْتي إِبْلِيسُ فَيَنْتَزِعُ الكَلِمَةَ مِنْ قُلوبِهِم، لِئَلاَّ يُؤْمِنُوا فَيَخْلُصُوا.
والَّذِينَ عَلى الصَّخْرةِ هُمُ الَّذينَ يَسْمَعُونَ الكَلِمَةَ وَيَقْبَلُونَهَا بِفَرَح؛ هؤُلاءِ لا أَصْلَ لَهُم، فَهُم يُؤْمِنُونَ إِلى حِين، وفي وَقْتِ التَّجْرِبَةِ يَتَرَاجَعُون.
والَّذِي وَقَعَ في الشَّوكِ هُمُ الَّذينَ يَسْمَعُونَ وَيَمْضُون، فَتَخْنُقُهُمُ الهُمُومُ والغِنَى وَمَلَذَّاتُ الحَيَاة، فَلا يَنْضَجُ لَهُم ثَمَر.
أَمَّا الَّذِي وَقَعَ في الأَرْضِ الجَيِّدَةِ فَهُمُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ الكَلِمَةَ بِقَلْبٍ جَيِّدٍ صَالِحٍ فَيَحْفَظُونَها، وَيَثبُتُونَ فَيُثْمِرُون.
عظات عن الإنجيل
إذا سألتموني، يا إخوتي، اليومَ عن مقصدِ الربّ يسوعَ المسيح من هذا الزارع الذي خرجَ في الصباحِ الباكرِ لينثرَ البذور في حقلهِ، لقلتُ لكُم إنّ الزارعَ هو اللهُ نفسُه الذي أخذَ يعملُ من أجل خلاصِنا منذ بدءِ العالم، فأرسلَ الأنبياءَ قبلَ مجيءِ المسيحِ، ليُبلِغَنا بسُبُل الخلاص. ولم يكتفِ بإرسالِ خدّامه، بل جاءَ إلينا بنفسِهِ وأظهرَ لنا الدربَ التي يجبُ أن نسلكَها؛ لقد جاءَ ليبشّرَنا بالكلمةِ المقدَّسة.أتعرفونَ بماذا نشبّهُ المرءَ الذي لم يتغذّ من هذه الكلمة المقدّسة أو أساءَ استخدامها؟ إنّه لأشبهُ بمريضٍ لا طبيبَ يداويهِ، أو بمسافرٍ ضلَّ الطريقَ، أو بفقيرٍ لا موردَ رزقٍ له. إنّه لحَريٌّ بنا، يا إخوتي، أن نقولَ إنّهُ من المستحيل أن نحبّ الله، ونسعى لإرضائه من دون أن نتغذّى من هذه الكلمة الإلهيّة. فما الذي يدفعُنا إلى التعلّق بهِ إن لم نكن نعرفه تمامَ المعرفة؟ ومَن الذي سيجعلنا نعرفُه بكلّ كمالِهِ وجمالهِ والمحبّةَ التي خصّنا بها، إن لم تكن كلمة الله التي تكشفُ لنا ما قامَ به من أجلنا، والخيراتِ التي أعدّها لنا في الحياة الأخرى، إن كنّا نسعى إلى إرضائه؟
#شربل سكران بالله