لأحد الثالث من الصوم الكبير : أحد شفاء النازفة
إنجيل القدّيس لوقا 56-40:8
لَمَّا عَادَ يَسُوع، ٱسْتَقْبَلَهُ الجَمْع، لأَنَّهُم جَميعَهُم كَانُوا يَنْتَظِرُونَهُ.
وَإِذَا بِرَجُلٍ ٱسْمُهُ يَائِيرُس، وكَانَ رَئِيسَ المَجْمَع، جَاءَ فٱرْتَمَى عَلَى قَدَمَي يَسُوع، وَأَخَذَ يَتَوَسَّلُ إِلَيْهِ أَنْ يَدْخُلَ بَيْتَهُ،
لأَنَّ لَهُ ٱبْنَةً وَحِيدَة، عُمْرُها نُحْوُ ٱثْنَتَي عَشْرَةَ سَنَة، قَدْ أَشْرَفَتْ عَلَى المَوْت. وفِيمَا هُوَ ذَاهِب، كانَ الجُمُوعُ يَزْحَمُونَهُ.
وَكانَتِ ٱمْرَأَةٌ مُصَابَةٌ بِنَزْفِ دَمٍ مُنْذُ ٱثْنَتَي عَشْرَةَ سَنَة، وَلَمْ يَقْدِرْ أَحَدٌ أَنْ يَشْفِيَهَا.
دَنَتْ مِنْ وَرَاءِ يَسُوع، وَلَمَسَتْ طَرَفَ رِدَائِهِ، وَفَجأَةً وَقَفَ نَزْفُ دَمِهَا.
فَقَالَ يَسُوع: «مَنْ لَمَسَنِي؟». وَأَنْكَرَ الجَمِيع. فَقَالَ بُطْرُسُ وَمَنْ مَعَهُ: «يا مُعَلِّم، إِنَّ الجُمُوعَ يَزْحَمُونَكَ وَيُضَايِقُونَكَ!».
فَقَالَ يَسُوع: «إِنَّ واحِدًا قَدْ لَمَسَنِي! فَإنِّي عَرَفْتُ أَنَّ قُوَّةً قَدْ خَرَجَتْ مِنِّي!».
وَرَأَتِ ٱلمَرْأَةُ أَنَّ أَمْرَها لَمْ يَخْفَ عَلَيه، فَدَنَتْ مُرْتَعِدَةً وٱرْتَمَتْ عَلَى قَدَمَيه، وَأَعْلَنَتْ أَمَامَ الشَّعْبِ كُلِّهِ لِماذَا لَمَسَتْهُ، وَكَيْفَ شُفِيَتْ لِلْحَال.
فَقَالَ لَهَا يَسُوع: «يا ٱبْنَتِي، إِيْمَانُكِ خَلَّصَكِ! إِذْهَبِي بِسَلام!».
وَفيمَا هُوَ يَتَكَلَّم، وَصَلَ وَاحِدٌ مِنْ دَارِ رَئِيسِ المَجْمَعِ يَقُول: «مَاتَتِ ٱبْنَتُكَ! فَلا تُزْعِجِ المُعَلِّم!».
وَسَمِعَ يَسوعُ فَأَجَابَهُ: «لا تَخَفْ! يَكْفي أَنْ تُؤْمِنَ فَتَحْيا ٱبْنَتُكَ!».
وَلَمَّا وَصَلَ إِلى البَيْت، لَمْ يَدَعْ أَحَدًا يَدْخُلُ مَعَهُ سِوَى بُطْرُسَ وَيُوحَنَّا وَيَعْقُوبَ وَأَبي الصَّبِيَّةِ وأُمِّهَا.
وكَانَ الجَمِيعُ يَبْكُونَ عَلَيْها وَيَقْرَعُونَ صُدُورَهُم. فَقَال: «لا تَبْكُوا! إِنَّهَا لَمْ تَمُتْ. لكِنَّهَا نَائِمَة!».
فَأَخَذُوا يَضْحَكُونَ مِنْهُ لِعِلْمِهِم بِأَنَّها مَاتَتْ.
أَمَّا هُوَ فَأَمْسَكَ بِيَدِها وَنَادَى قاَئِلاً: «أَيَّتُهَا الصَّبِيَّة، قُومِي!».
فَعَادَتْ رُوحُهَا إِلَيْهَا، وَفَجْأَةً نَهَضَتْ. ثُمَّ أَمَرَ بِأَنْ يُطْعِمُوهَا.
فَدَهِشَ أَبَوَاها، وَأَوْصَاهُمَا يَسُوعُ أَلاَّ يُخْبِرَا أَحَدًا بِمَا حَدَث.
تأمّل حول إنجيل القدّيس لوقا
«دَنَتْ مِنْ وَرَاءِ يَسُوع، وَلَمَسَتْ طَرَفَ رِدَائِهِ، وَفَجأَةً وَقَفَ نَزْفُ دَمِهَا»
إنّ إيماننا هو مَن يمسُّ الرّب يسوع المسيح؛ وإيماننا هو مَن يراه. ليس جسدنا الذي يلمسه؛ وليست عيون طبيعتنا مَن تراه. لأنّ الرؤية من دون إدراكٍ ليست برؤية؛ إنّ السمع من دون فهم ليس بسمع، كذلك هو اللمس إن كان من دون إيمان...
إذا قسنا حجم إيماننا وكنّا مدركين مدى كِبَر ابن الله، ندرك أنّنا بالنسبة إليه لا نستطيع لمس سوى طرف الرداء؛ أمّا أعلى ردائه، فلا يمكننا أن نبلغه. ولذا، إن كنّا نريد نحن أيضًا أن نبرأ، فلنلمس بإيمان طرف رداء الرّب يسوع المسيح. فهو لا يهمل مَن يلمسون طرف ردائه، أولئك الّذين يدنون من ورائه ويلمسونه. لأنّ الله لا يحتاج إلى عيون ليرى؛ فهو ليس لديه حواس جسديّة، لكنّه يختزن في ذاته معرفة كلّ شيء. طوبى إذًا لمَن يلمس طرف رداء كلمة الله: إذ مَن يمكنه أن يمسك به كاملاً؟
#شربل سكران بألله