فيمَا (كَانَ يَسوعُ وتلاميذهُ) سَائِرين، دَخَلَ يَسُوعُ إِحْدَى ٱلقُرَى، فٱسْتَقْبَلَتْهُ في بَيتِهَا ٱمْرَأَةٌ ٱسْمُها مَرْتا.
وَكانَ لِمَرْتَا أُخْتٌ تُدْعَى مَرْيَم. فَجَلَسَتْ عِنْدَ قَدَمَي ٱلرَّبِّ تَسْمَعُ كَلامَهُ.
أَمَّا مَرْتَا فَكانَتْ مُنْهَمِكَةً بِكَثْرَةِ ٱلخِدْمَة، فَجَاءَتْ وَقَالَتْ: «يَا رَبّ، أَمَا تُبَالي بِأَنَّ أُخْتِي تَرَكَتْنِي أَخْدُمُ وَحْدِي؟ فَقُلْ لَهَا أَنْ تُسَاعِدَنِي!».
فَأَجَابَ ٱلرَّبُّ وَقَالَ لَهَا: «مَرْتا، مَرْتا، إِنَّكِ تَهْتَمِّينَ بِأُمُورٍ كَثِيرَة، وَتَضْطَرِبِين!
إِنَّمَا ٱلمَطْلُوبُ وَاحِد! فَمَرْيَمُ ٱخْتَارَتِ ٱلنَّصِيبَ ٱلأَفْضَل، وَلَنْ يُنْزَعَ مِنْهَا».
مدخل إلى الحياة الورعة، الجزء الثّالث
أحِبّوا كلّ الناس محبّة كبيرة، ولكن احفظوا صداقتكم العميقة للذين يستطيعون أن يبادلوكم أشياء حسنة... إذا تبادلتم في مجال المعارف، فإنّ صداقتكم جديرة بالثناء، وهي تكون أكثر من ذلك، إن تشاركتم في مجال الحكمة أو الفطنة أو القوّة أو العدالة. ولكن إن كانت علاقتكم مبنيّة على المحبّة والإخلاص والكمال المسيحي، فَيَا الله، كم هي ثمينة صداقتكم تلك! ستكون ممتازة لأنّها آتية من عند الله، ممتازة لأنّها تصبو إلى الله وممتازة لأنّ مَن يربطها هو الله ولأنّها ستدوم إلى الأبد في الله. كم هو حسن أن تكون محبّتنا على الأرض كالمحبّة في السماء، وأن نتعلّم أن نحبّ بعضنا البعض في هذا العالم كما سنفعل إلى الأبد مع الآخر. أنا لا أتكلّم هنا على المحبّة البسيطة، لأنّها يجب أن يحملها كلّ إنسان، بل أتكلّم على الصداقة الروحيّة التي بواسطتها يتّحد اثنان أو ثلاثة أو العديد في الحياة الروحيّة ويصبحون "قَلبًا واحِدًا ونَفْساً واحِدة فيما بينهم" (أع 4: 32). لذلك فعلاً يمكن لهذه الأنفس السعيدة أن تنشد بحقّ: "أَلا ما أَطيَبَ، ما أَحْلى أَن يَسكُنَ الإِخوَةُ مَعًا" (مز133[132]: 1)... يبدو لي أنّ كل الصداقات الأخرى ليست سوى ظلًّا لهذه... إنّه لمن الضروري للمسيحيّين الذين يعيشون في هذا العالم أن يتعاونوا بصداقات مقدّسة، وبهذه الطريقة يتشجّعون ويتعاضدون ويحملون بعضهم على الخير... لا يمكن لأحد أن ينكر بأنّ ربّنا أحبّ القدّيس يوحنا ولعازر ومرتا ومريم بصداقة عذبة وأكثر تميزًا، لأنّ الكتاب المقدّس يشهد على ذلك.
#شربل سكران بالله