قََالَ الرَبُّ يَسُوعُ لِتَلامِيذِهِ مَثَلاً في أَنَّهُ يَنْبَغي أَنْ يُصَلُّوا كُلَّ حِينٍ وَلا يَمَلُّوا،
قَال: «كانَ في إِحْدَى المُدُنِ قَاضٍ لا يَخَافُ اللهَ وَلا يَهَابُ النَّاس.
وَكانَ في تِلْكَ المَدِينَةِ أَرْمَلَةٌ تَأْتِي إِلَيْهِ قَائِلَة: أَنْصِفْني مِنْ خَصْمي!
وظَلَّ يَرْفُضُ طَلَبَها مُدَّةً مِنَ الزَّمَن، ولكِنْ بَعْدَ ذلِكَ قَالَ في نَفْسِهِ: حَتَّى ولَو كُنْتُ لا أَخَافُ اللهَ وَلا أَهَابُ النَّاس،
فَلأَنَّ هذِهِ الأَرْمَلةَ تُزْعِجُني سَأُنْصِفُها، لِئَلاَّ تَظَلَّ تَأْتِي إِلى غَيْرِ نِهَايةٍ فَتُوجِعَ رَأْسِي!».
ثُمَّ قالَ الرَّبّ: «إِسْمَعُوا مَا يَقُولُ قَاضِي الظُّلْم.
أَلا يُنْصِفُ اللهُ مُخْتَارِيهِ الصَّارِخِينَ إِلَيْهِ لَيْلَ نَهَار، ولو تَمَهَّلَ في الٱسْتِجَابَةِ لَهُم؟
أَقُولُ لَكُم: إِنَّهُ سَيُنْصِفُهُم سَرِيعًا. ولكِنْ مَتَى جَاءَ ٱبْنُ الإِنْسَان، أَتُراهُ يَجِدُ عَلَى الأَرْضِ إِيْمَانًا؟».
أحاديث نسكيّة، الجزء الأوّل، §21
طوبى للإنسان الذي يعرف ضِعفه الخاص. لأنّ هذه المعرفة الذاتيّة هي أساس وأصل ومَصدر كل صلاح... حين يعلم الإنسان أنه فاقدٌ للعون الإلهي، حينها يُصلّي بكثرة. وكلّما صلّى ازداد قلبه تواضعًا... عندما يكون قد فهم كل ذلك، حينها يحمل الصلاة في نفسه وكأنّها كنز ثمين. وعمق فرحه يجعل من صلاته عربون شكر لا يوصف. تلك المعرفة تسمو به فيُعجب بنعمة الله ويرفع صوته ويسبّح الله ويمجّده، ويُعرب له عن شكره ويتكلم بأوْج الاندهاش.مَن أدرك بالحق وليس بالخيال أنّه قد حصل على تلك الدلائل وقد اختبر خبرة كهذه، هو مَن يفهم ما أقول وأن لا شيء يستطيع أن يناقضه. لكن عليه أن ينقطع عن رغبته في الأمور التافهة. ليَثبت في الله بالصلاة المستمرّة خوفًا من أن يُحرم من غزارة العون الإلهي. تُعطى كل هذه الخيرات للإنسان حين يقترب من الله من خلال ثباته في الصلاة. وبمقدار اقترابه من الله بصمود، بمقدار ما يغمره الله بمواهبه ولا يحرمه من نعمته وذلك بسبب تواضعه العميق. لأن إنسانًا كهذا هو كالأرملة التي لا تكفّ عن مراجعة القاضي كي يحكم بالعدل ضدّ خصمها. إن الربّ برحمة يُرجئ سكب نِعمه كي يحثّ هذا الاستمهال يحثّ الإنسان على الاقتراب منه والمكوث قرب مَن يُمطر عليه خيره طالما هو بحاجة إليه.
#شربل سكران بالله