قالَ الربُّ يَسوع لِتلاميذِهِ: «إِسْمَعُوا أَنْتُم مَثَلَ الزَّارِع:
كُلُّ مَنْ يَسْمَعُ كَلِمَةَ المَلَكُوتِ ولا يَفْهَمُهَا، يَأْتِي الشِّرِّيرُ ويَخْطَفُ مَا زُرِعَ في قَلْبِهِ: هذَا هُوَ الَّذي زُرِعَ على جَانِبِ الطَّرِيق.
أَمَّا الَّذي زُرِعَ في الأَرْضِ الصَّخْرِيَّة، فهُوَ الَّذي يَسْمَعُ الكَلِمَة، وفي الحَالِ يَقْبَلُهَا بِفَرَح؛
ولكِنَّهُ لا أَصْلَ لَهُ في ذَاتِهِ وإِنَّمَا يَثْبُتُ إِلى حِيْن، فَإِذَا حَدَثَ ضِيْقٌ أَوِ ٱضْطِهَادٌ مِنْ أَجْلِ الكَلِمَةِ فَحَالاً يَشُكُّ.
أَمَّا الَّذي زُرِعَ بَيْنَ الشَّوْكِ فَهُوَ الَّذي يَسْمَعُ الكَلِمَة، ولكِنَّ هَمَّ هذَا الدَّهْرِ وغُرُورَ الغِنَى يَخْنُقَانِ فيهِ الكَلِمَة، فَيَبْقَى بِلا ثَمَر.
أَمَّا الَّذي زُرِعَ في الأَرْضِ الجَيِّدَةِ فَهُوَ الَّذي يَسْمَعُ الكَلِمَةَ ويَفْهَمُهَا فَيَحْمِلُ ثَمَرًا، ويُعْطِي وَاحِدٌ مِئَةً وآخَرُ سِتِّين، وآخَرُ ثَلاثين».
العظة 101
صحيح أنّ الرسل والأنبياء نثروا بذور الزرع، إنّما الربّ هو الذي زرع بنفسه. لقد كان الربّ ساكنًا فيهم لأنّه حصد الزرع بنفسه. فمن دونه، لا يقدرون على شيء؛ أمّا هو، فيبقى كاملاً من دونهم. وهو قال لهم: "بِمَعزِلٍ عَنِّي لا تَستَطيعونَ أَن تَعمَلوا شيئاً" (يو 15: 5). فما الذي قاله الرّب يسوع المسيح إذاً فيما كان يزرع في الأمم؟ "هُوَذا الزَّارِعُ قد خرَجَ لِيَزرَع" (مت 13: 3). في نصّ آخر، أُرسِلَ الحصّادون لجني ثمار الزرع؛ أمّا في هذا النصّ، فالزارع هو الذي خرج ليزرع من دون أن يتذمّر من مشقّاته. لا يهمّه أن يقع بعض الحَبّ على جانب الطريق أو على أرض حَجِرة أو على الشوك... لأنّه لو أُحبِطَت عزيمته بسبب هذه الأماكن العقيمة، لما تابع سيره نحو الأرض الطيّبة!هذه هي حالتنا: هل سنكون "جانب الطريق" تلك أم "الأرض الحَجٍرة" أم الشوك؟ أم نريد أن نكون الأرض الطيّبة؟ فَلنُعِدَّ قلوبنا لتأتيَ بثلاثين أو ستّين أو مئة أو ألف ضعف من الثمار. ولْتكن ثمارنا في كلّ مرّة قمحًا صالحًا بدون سواه. فلا نَكوننّ بعدُ مثل "جانب الطريق" تلك التي تُداس فيها البذرة الصالحة، والتي يقبض عليها عدوّنا كالعصفور الذي يلتهم فريسته. ولا مثل تلك "الأرض الحجِرة" التي تنمو فيها البذرة بسرعة في تربة غير عميقة ولا تقدر أن تصمد أمام حرّ الشمس. ولا مثل ذلك الشوك الذي يرمز إلى شهوات هذا العالم والانكباب على فعل السوء. فهل ثمّة أسوأ من أن يبذل المرء جهوده في سبيل حياة تمنعنا من أن ننال الحياة؟ أوَليس محزنًا أن يحبّ المرء الحياة لدرجة أن يخسر الحياة؟ أوَليس محزنًا أن يخشى المرء الموت لدرجة أن يقع تحت سلطان الموت؟ فَلْنقتلع الشوك، ولنُعِدَّ الطريق، ولْنقبل البذور، ولنصمُد حتّى الحصاد الأخير، ولْنطمح إلى دخول الأهراء.
#شربل سكران بالله