قالَ الرَبُّ يَسوع لِلأَحبارِ وشُيوُخِ الشَعب: «إِسْمَعُوا مَثَلاً آخَر: كَانَ رَجُلٌ رَبَّ بَيت. فَغَرَسَ كَرْمًا، وسَيَّجَهُ، وحَفَرَ فيهِ مَعْصَرَة، وبَنَى بُرجًا، ثُمَّ أَجَّرَهُ إِلى كَرَّامِين، وسَافَر.
ولَمَّا ٱقْتَرَبَ وَقْتُ الثَّمَر، أَرْسَلَ عَبِيْدَهُ إِلى الكَرَّامِيْن، لِيَأْتُوهُ بِثَمَرِهِ.
وقَبَضَ الكَرَّامُونَ على عَبِيدِهِ فَضَرَبُوا بَعْضًا، وقَتَلُوا بَعْضًا، ورَجَمُوا بَعْضًا.
وعَادَ رَبُّ الكَرْمِ فَأَرْسَلَ عَبِيدًا آخَرِينَ أَكْثَرَ مِنَ الأَوَّلِين، فَفَعَلُوا بِهِم مَا فَعَلُوهُ بِالأَوَّلِين.
وفي آخِرِ الأَمْرِ أَرْسَلَ إِلَيْهِم رَبُّ الكَرْمِ ٱبْنَهُ قَائِلاً: سَيَهَابُونَ ٱبْنِي!
ورَأَى الكَرَّامُونَ الٱبْنَ فَقَالُوا فيمَا بَينَهُم: هذَا هُوَ الوَارِث! تَعَالَوا نَقْتُلُهُ، ونَسْتَولي على مِيرَاثِهِ.
فَقَبَضُوا عَلَيه، وأَخْرَجُوهُ مِنَ الكَرْم، وقَتَلُوه.
فَمَتَى جَاءَ رَبُّ الكَرْم، مَاذَا يَفْعَلُ بِأُولئِكَ الكَرَّامِين؟».
قَالُوا لَهُ: «إِنَّهُ سَيُهْلِكُ أُولئِكَ الأَشْرَارَ شَرَّ هَلاك. ثُمَّ يُؤَجِّرُ الكَرْمَ إِلى كَرَّامِينَ آخَرِينَ يُؤَدُّونَ إِلَيهِ الثَّمَرَ في أَوانِهِ».
قَالَ لَهُم يَسُوع: «أَمَا قَرَأْتُم في الكِتَاب: أَلحَجَرُ الَّذي رَذَلَهُ البَنَّاؤُونَ هُوَ صَارَ رَأْسَ الزَّاوِيَة، مِنْ لَدُنِ الرَّبِّ كَانَ هذَا، وهُوَ عَجِيبٌ في عُيُونِنَا؟
لِذلِكَ أَقُولُ لَكُم: إِنَّ مَلَكُوتَ اللهِ يُنْزَعُ مِنْكُم، ويُعْطَى لأُمَّةٍ تُثْمِرُ ثَمَرَهُ.
فَمَنْ وَقَعَ عَلى هذَا الحَجَرِ تَهَشَّم، ومَنْ وَقَعَ الحَجَرُ عَلَيهِ سَحَقَهُ».
ولَمَّا سَمِعَ الأَحْبَارُ والفَرِّيسِيُّونَ أَمْثَالَ يَسُوع، أَدْرَكُوا أَنَّهُ كَانَ يَعْنِيهِم بِكَلامِهِ.
فَحَاوَلُوا أَنْ يُمْسِكُوه، ولكِنَّهُم خَافُوا مِنَ الجُمُوعِ الَّذينَ كَانُوا يَعْتَبِرونَهُ نَبِيًّا.
العظة 11 عن الرسالة الأولى إلى أهل قورنتُس
"وهذا كُلُّه مِنَ اللهِ الَّذي صالَحَنا بِالمسيح وأَعْطانا خِدمَةَ المُصالَحَة" (2كور 5: 18). أظهر القدّيس بولس بكلامه هذا عَظَمة الرسل عبر إظهار عَظَمة الخدمة التي أنيطت بهم، كما أظهر في الوقت نفسه الحبّ الذي أحبّنا به الله. فبعد أن رفض البشر الإصغاء إلى ذاك الذي أرسله الله إليهم، لم يسخط الربّ بغضبه ولم يرذلهم، بل ثابر على مناداتهم بنفسه وبواسطة الرسل. مَن لا يندهش إذًا أمام هذه العناية المفرطة؟لقد قتلوا الابن الذي جاء ليصالحهم، هو الابن الوحيد والمساوي للآب في طبيعته. لم يتبرّأ الآب من القتلة، ولم يقل: "أرسلت لهم ابني، فلم يكتفوا بعدم الإصغاء إليه، بل قتلوه وصلبوه؛ فقد بات إذًا من العدل أن أتخلّى عنهم من الآن فصاعدًا". إنّما قام الآب بعكس ذلك، وإذ ترك الرّب يسوع المسيح الأرض، فنحن، خدّامه، مكلّفون بالحلول مكانه. "أَعْطانا خِدمَةَ المُصالَحَة ذلك بِأَنَّ اللهَ كانَ في المَسيحِ مُصالِحًا لِلعالَم وغَيرَ مُحاسِبٍ لَهم على زَلاَّتِهم، ومُستَودِعًا إِيَّانا كَلِمَةَ المُصالَحَة" (2كور 5: 19).يا له من حبّ يتخطّى كلّ كلام وكلّ ذكاء! مَن كان الّذي تحمّل المهانة من أجلنا؟ إنّه هو، الله. ومَن اتّخذ الخطوة الأولى نحو المصالحة؟ إنّه هو... لو أراد الله محاسبتنا في الواقع على ذلك، لكنّا تائهين لأنّنا "كنّا قد متنا جميعنا" (راجع 2كور 5: 14). على الرغم من خطايانا الكثيرة، لم يُنزل بنا عقابه، إنّما تصالح معنا؛ ولم يكتفِ بإلغاء ديننا، لا بل اعتبره غير موجود. لذلك علينا أن نغفر لأعدائنا إذا أردنا أن نحصل بأنفسنا على هذا الغفران الكبير: لقد "أَعْطانا خِدمَةَ المُصالَحَة".
#شربل سكران بالله