قالَتْ مَرْيَم: «تُعَظِّمُ نَفسِيَ الرَّبّ،
وتَبْتَهِجُ رُوحِي بِٱللهِ مُخَلِّصِي،
لأَنَّهُ نَظرَ إِلى تَواضُعِ أَمَتِهِ. فَهَا مُنْذُ الآنَ تُطَوِّبُنِي جَمِيعُ الأَجْيَال،
لأَنَّ القَدِيرَ صَنَعَ بي عَظَائِم، وٱسْمُهُ قُدُّوس،
ورَحْمَتُهُ إِلى أَجْيَالٍ وأَجْيَالٍ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَهُ.
صَنَعَ عِزًّا بِسَاعِدِهِ، وشَتَّتَ المُتَكبِّرينَ بأَفْكَارِ قُلُوبِهِم.
أَنْزَلَ المُقْتَدِرينَ عنِ العُرُوش، ورَفَعَ المُتَواضِعِين.
أَشْبَعَ الجِيَاعَ خَيْرَاتٍ، وصَرَفَ الأَغْنِياءَ فَارِغِين.
عَضَدَ إِسْرائِيلَ فَتَاهُ ذَاكِرًا رَحْمَتَهُ،
لإِبْراهِيمَ ونَسْلِهِ إِلى الأَبَد،كمَا كلَّمَ آبَاءَنا».
ومَكَثَتْ مَرْيَمُ عِندَ إِليصَابَاتَ نَحْوَ ثَلاثَةِ أَشْهُر، ثُمَّ عَادَتْ إِلى بَيتِهَا.
دراسة عن التقوى الحقيقيّة لمريم العذراء، 1-6
كانت مريم مُتَخفّيّةً جدًّا في حياتها. لذا، دعتها الكنيسة بإلهامٍ من الرُّوح القدس"alma mater”، أي الأمٌّ المُتَخفِّيّة أو السريّة. كان تواضعُها عميقًا جدًّا إلى حدّ أنّها لم تَجِدْ على الأرض أيّ ميل قويّ ودائم أكثر من التخفّي عن نفسِها وعن كلِّ خليقة، كي لا يعرفَها سوى الله وحدَه.ولذّ لله، استجابةً لطلباتها التي وجّهَتْها إليه لإخفائها وإفقارها وإذلالها، أن يخفيها في الحبل بها وفي ولادتِها، وفي حياتِها، وفي أسرارِها، وفي انتقالها، بالنسبة إلى كلِّ البشر تقريبًا. حتّى والدَيْها كانا يجهلانِها، فيما كان الملائكة يسألون بعضهم البعض باستمرار: "مَن تكون هذه؟" (راجع نش 6: 10). لأنّ العليَّ كان قد أخفاها عن الملائكة؛ أو إن كشفَ لهم شيئًا، فقد أخفى أمورًا أكثر بكثير...كم من أمورٍ عظيمة ومخفيّة صَنَعَ الله القدير لهذه الأمة العجيبة، كما تقرُّ بنفسِها مرغمةٌ، رغم تواضُعِها العميق: "لأَنَّ القَديرَ صَنَعَ إِليَّ أُموراً عَظيمة: قُدُّوسٌ اسمُه". لكنّ العالم لا يعرفها، لأنّه غير قادر وغير أهل لذلك.
#شربل سكران بالله