إِمْتَلأَ زَكَرِيَّا مِنَ الرُّوحِ القُدُس، فَتَنبَّأَ قائِلاً:
«تَبَارَكَ الرَّبُّ، إِلهُ إِسْرَائِيل، لأَنَّهُ ٱفْتَقَدَ شَعْبَهُ وٱفْتَدَاه.
وأَقَامَ لنَا قُوَّةَ خَلاصٍ في بَيْتِ دَاوُدَ فَتَاه،
كمَا تَكَلَّمَ بِفَمِ أَنْبِيَائِهِ القِدِّيسِينَ مُنْذُ القَدِيم،
لِيُخَلِّصَنَا مِنْ أَعْدَائِنَا، ومِنْ أَيْدي جَمِيعِ مُبغِضِينَا،
ويَصْنَعَ رَحْمَةً مَعَ آبَائِنَا، ويَذْكُرَ عَهْدَهُ المُقَدَّس،
ذاكَ القَسَمَ الَّذي أَقسَمَهُ لإِبرَاهِيمَ أَبِينَا، بِأَنْ يُنْعِمَ عَلَينا،
وقَدْ نَجَوْنَا مِنْ أَيْدِي أَعْدَائِنَا، أَنْ نَعبُدَهُ بِلا خَوْف،
بِالقَدَاسَةِ والبِرِّ، في حَضْرَتِهِ، كُلَّ أَيَّامِ حيَاتِنَا.
وأَنْتَ، أَيُّهَا الصَّبِيّ، نَبِيَّ العَلِيِّ تُدْعَى، لأَنَّكَ تَسِيرُ أَمَامَ وَجْهِ الرَّبِّ لِتُعِدَّ طُرُقَهُ،
وتُعَلِّمَ شَعْبَهُ الخَلاصَ بِمَغْفِرَةِ خَطَايَاهُم،
في أَحشَاءِ رَحْمَةِ إِلهِنَا، الَّتي بِهَا ٱفْتَقَدَنَا المُشْرِقُ مِنَ العَلاء،
لِيُضِيءَ على الجَالِسِينَ في ظُلْمَةِ المَوْتِ وظِلالِهِ، ويَهْدِيَ خُطَانَا إِلى طَرِيقِ السَّلام.»
وكَانَ الصَّبيُّ يَكْبُرُ ويَتَقَوَّى في الرُّوح. وكانَ في البَرارِي إِلى يَوْمِ ظُهُورِهِ لإِسْرَائِيل.
العظة الأولى حول مولد القدّيس يوحنّا المعمدان
إنّه لحقّ أنّ ولادة هذا الطفل كانت مدعاةَ فرحٍ للكثيرين، ولا تزال هكذا حتّى اليوم. هذا الطفل الذي أُعطِيَ لوالدَيه في شيخوختهما، جاءَ يحملُ إلى عالمٍ يشيخُ نعمة ولادة جديدة. إنّه لَمِنَ الجيّد أن تحتفل الكنيسة بذكرى هذه الولادة، الثمرة المدهشة للنعمةِ التي أذهَلَتْ الطبيعة.أمّا بالنّسبة إليّ، فإنّ هذا "السِّراجَ المُوقَدَ المُنير" (يو 5: 35) المُختار لإنارة العالم يَحمِلُ بِمَولِدِهِ فرحًا جديدًا لأنّني بِفَضِلِهِ تعرَّفتُ إلى النور الّذي "يَشرِقُ في الظُّلُمات ولَم تُدرِكْه الظُّلُمات" (يو 1: 5). أجل، إنّ مولد هذا الطفل يحملُ إليَّ فرحًا لا يوصَف، لأنّه مصدر خيراتٍ كبيرةٍ للعالم. فهو أوّل مَن ثقَّفَ الكنيسة، وبدأ بتنشئتها على التوبة، وحضَّرَها من خلال العماد؛ وبعد أن انتهى من تهيئتِها على هذا الشكل، سلَّمَها للرّب يسوع المسيح وضمَّها إليه (راجع يو 3: 29). لقد علَّمَها كيفيّة العيش في الزهد، وبموته منَحَها القوّة على الموت بشجاعة. بهذا كلِّه، أعدّ يوحنّا "لِلرَّبِّ شَعباً مُتأَهِّباً" (لو 1: 17).
#شربل سكران بالله