تَرَكَ يَسُوعُ الجُمُوعَ وخَرَجَ مِنَ المَدِيْنَةِ إِلى بَيْتَ عَنْيَا وبَاتَ هُنَاك.
وبَيْنَمَا هُوَ رَاجِعٌ عِنْدَ الفَجْرِ إِلى المَدِيْنَة، جَاع.
ورَأَى تِينَةً عَلى جَانِبِ الطَّريق، فَذَهَبَ إِلَيْهَا، ولَمْ يَجِدْ علَيهَا إِلاَّ وَرَقًا فَقَط، فَقَالَ لَهَا: «لا يَكُنْ فَيكِ ثَمَرٌ إِلى الأَبَد!». فَيَبِسَتِ التِّينَةُ حَالاً.
ورَأَى التَّلامِيذُ ذلِكَ فَتَعَجَّبُوا وقَالُوا: «كَيْفَ يَبِسَتِ التِّينَةُ حَالاً؟».
فأَجَابَ يَسُوعُ وقَالَ لَهُم: «أَلحَقَّ أَقُولُ لَكُم: إِنْ كُنْتُم تُؤْمِنُونَ ولا تَشُكُّون، فَلَنْ تَفْعَلُوا مَا فَعَلْتُ أَنا بِالتِّينَةِ فَحَسْب، بَلْ إِنْ قُلْتُم أَيْضًا لِهذَا الجَبَل: إِنْقَلِعْ وَٱهْبِطْ في البَحْر، يَكُونُ لَكُم ذلِكَ.
وكُلُّ مَا تَطْلُبُونَهُ في الصَّلاةِ بِإيْمَان، تَنَالُونَهُ».
وجَاءَ يَسُوعُ إِلى الهَيْكَل، وبَينَمَا هُوَ يُعَلِّم، دَنَا مِنهُ الأَحْبَارُ وشُيُوخُ الشَّعْبِ وقَالُوا لَهُ: «بِأَيِّ سُلْطَانٍ تَفْعَلُ هذَا ؟ ومَنْ أَعْطَاكَ هذَا السُّلْطَان؟».
فَأَجَابَ يَسُوعُ وقَالَ لَهُم: «وأَنَا أَيْضًا أَسْأَلُكُم سُؤَالاً وَاحِدًا، فَإِنْ أَجَبْتُمُونِي قُلْتُ لَكُم أَنا أَيْضًا بِأَيِّ سُلْطَانٍ أَفْعَلُ هذَا.
مَعْمُودِيَّةُ يُوحَنَّا مِنْ أَيْنَ كَانَتْ؟ مِنَ السَّمَاءِ أَمْ مِنَ النَّاس؟». فَأَخَذُوا يُفَكِّرُونَ في أَنْفُسِهِم قَائِلين: «إِنْ قُلْنَا: مِنَ السَّمَاء، يَقُولُ لَنَا: فَلِمُاذَا لَم تُؤْمِنُوا بِهِ؟
وإِنْ قُلْنَا: مِنَ النَّاس، نَخَافُ مِنَ الجَمْع، لأَنَّهُم كُلَّهُم يَعْتَبِرُونَ يُوحَنَّا نَبِيًّا».
فَأَجَابُوا وقَالُوا لِيَسُوع: «لا نَعْلَم!». قَالَ لَهُم هُوَ أَيْضًا: «ولا أَنَا أَقُولُ لَكُم بِأَيِّ سُلْطَانٍ أَفْعَلُ هذَا.
الكتيّبات
هنالك عدد صغير جدًّا من الأشخاص الذين يظهرُ لهم الله من خلال المعجزات. لذا، يجب الاستفادة من هذه الفرص، كونه لا يخرج من سرّ الطبيعة التي تحجبُه إلاّ لإثارة إيماننا على خدمته بحماسة شديدة، خاصّة إنّنا نعرفه بثقة أكبر. لو كان الله يكشف عن نفسه للبشر بشكل مستمرّ، لما كان لنا الفضل في الإيمان به؛ ولو كان لا يكشف عن نفسه على الإطلاق، لما كان هنالك أيّ إيمان. لكنّه غالبًا ما يختفي، ونادرًا ما يظهر للذين يريد أن يحوّلهم إلى خدمته. هذا السرّ الغريب، الذي احتجبَ خلفه الله، والغامض بنظر البشر، هو درس مهمّ لحَملِنا إلى الوحدة بعيدًا عن نظر البشر. لقد بقي مخفيًّا خلف ستار الطبيعة التي حجبَته عنّا، حتّى التجسّد؛ وحين وجبَ عليه الظهور، اختبأ أكثر فأكثر خلف ستار البشريّة. لقد كان معروفًا حين كان غير مرئي أكثر ممّا أصبح عليه حين صارَ مرئيًّا. وأخيرًا، حين أرادَ أن يفي بالوعد الذي قطعَه لتلاميذه بأن يبقى مع البشر حتّى مجيئه الثاني، اختارَ أن يبقى وسط السرّ الأغرب والأكثر غموضًا، أيّ الإفخارستيّا. هذا هو السرّ الذي سمّاه القدّيس يوحنّا في سرّ الرؤيا "المنّ الخفيّ" (راجع رؤ 2: 17)؛ وأعتقد أنّ إشعيا كان يراه بهذه الحالة، حين قالَ بروح النبوءة: "إِنَّكَ لَإِلهٌ مُحتَجب يا إِلهَ إِسرائيلَ الَمُخَلِّص" (إش 45: 15).
#شربل سكران بالله