قالَ الربُّ يَسوعُ لِتلاميذِهِ: «مَا أَقُولُهُ لَكُم في الظُّلْمَةِ قُولُوهُ في النُّور. ومَا تَسْمَعُونَهُ هَمْسًا في الأُذُنِ نَادُوا بِهِ عَلى السُّطُوح.
لا تَخَافُوا مِمَّنْ يَقْتُلُونَ الجَسَد، ولا يَقْدِرُونَ أَنْ يَقْتُلُوا النَّفْس، بَلْ خَافُوا بِالحَرِيِّ مِمَّنْ يَقْدِرُ أَنْ يُهْلِكَ النَّفْسَ والجَسَدَ مَعًا في جَهَنَّم.
أَلا يُبَاعُ عُصْفُورَانِ بِفَلْسٍ، ووَاحِدٌ مِنْهُمَا لا يَسْقُطُ عَلى الأَرْضِ بِدُونِ عِلْمِ أَبِيْكُم؟
أَمَّا أَنْتُم فَشَعْرُ رَأْسِكُم مَعْدُودٌ كُلُّهُ.
فَلا تَخَافُوا! إِنَّكُم أَفْضَلُ مِنْ عَصَافِيْرَ كَثِيْرَة.
كُلُّ مَنْ يَعْتَرِفُ بِي أَمَامَ النَّاس، أَعْتَرِفُ بِهِ أَنَا أَيْضًا أَمَامَ أَبي الَّذي في السَّمَاوَات.
ومَنْ يُنْكِرُني أَمَامَ النَّاس، أُنْكِرُهُ أَنَا أَيْضًا أَمَامَ أَبِي الَّذي في السَّمَاوَات.
عظة لعيد جميع القدّيسين
من أعالي السَّموات يَهَبُ الربُّ غنى إنعامه لكلِّ الناس. إنّه هو نبع الخلاص والنور الذي تتدفَّقُ منه أعمال الرحمة والخير منذ الأزل. غير أنّ كثيرًا من الناس لا يستلهمون قوّته ونعمته كي يمارسوا الفضيلة بكمالٍ ويحقّقوا معجزات الربّ؛ إنّ من يقوم بذلك فقط هم أولئك الذين وضعوا قراراتهم موضع التنفيذ، وأثبتوا بالأعمال تعلُّقهم بالله، أولئك الذين ابتعدوا تمامًا عن الشرّ، وتمسَّكوا بوصايا الله بشدَّة وصوَّبوا أنظار نفوسهم نحو الربّ يسوع المسيح، "شَمسُ البِرّ" (ملا 3: 20). من أعالي السَّموات، يقدِّم الربّ يسوع المسيح للذين يناضلون شدَّةَ ساعِدِه، ويناشدهم بهذه الكلمات في الإنجيل: "مَن شَهِدَ لي أَمامَ النَّاس، أَشهَدُ لَه أَمامَ أبي الَّذي في السَّموات". كخادم للربّ، يشهد كلُّ قدّيس من القدّيسين، أمام البشر الفانين، بأنّه ينتمي للمسيح في هذه الحياة العابرة، ويفعل ذلك في فترة زمنيَّة قصيرة وبوجود عددٍ قليل من الناس. بينما ربّنا يسوع المسيح... يشهد لنا في عالم الحياة الأبديّة، أمام الله أبيه فيما تحيط به الملائكة ورؤساء الملائكة وجميع القوّات السماويَّة، وبحضور جميع البشر من آدم حتّى نهاية الأزمنة. لأنّهم جميعهم سوف يقومون ويَمثلون أمام منبر المسيح الديّان. عندها، في حضور الجميع وعلى مرأى من الجميع، سوف يعرفهم ويكلِّلُ بالمجد أولئك الذين ثبتوا في إيمانهم حتّى النهاية.