كانَ جَمِيعُ الَّذين في المَجْمَع يَشْهَدُونَ لَيَسُوع، ويَتَعَجَّبُونَ مِن كَلِمَاتِ النِّعْمَةِ الخَارِجَةِ مِنْ فَمِهِ، ويَقُولُون: «أَلَيْسَ هذَا ٱبنَ يُوسُف؟».
فقَالَ لَهُم: «لا شَكَّ أَنَّكُم تَقُولُونَ لي هذَا المَثَل: أَيُّها الطَّبيب، إِشْفِ نَفسَكَ. وكُلُّ ما سَمِعْنا أَنَّكَ صَنَعْتَهُ في كَفَرْنَاحُوم، إِصْنَعْهُ أَيْضًا هُنَا في وَطَنِكَ!».
ثُمَّ قَال: «أَلحَقَّ أَقُولُ لَكُم: لا يُقْبَلُ نَبِيٌّ في وَطَنِهِ.
وَبِٱلحَقِّ أَقُولُ لَكُم: أَرَامِلُ كَثِيرَاتٌ كُنَّ في إِسْرائِيل، أَيَّامَ إِيلِيَّا، حِينَ أُغلِقَتِ السَّماءُ ثَلاثَ سِنِينَ وسِتَّةَ أَشْهُر، وحَدَثَتْ مَجَاعَةٌ شَدِيدَةٌ في كُلِّ البِلاد،
ولَمْ يُرسَلْ إِيليَّا إِلى أَيٍّ مِنهُنَّ، بَلْ أُرسِلَ إِلى ٱمْرَأَةٍ أَرمَلَةٍ في صَرْفَتِ صَيْدَا.
وبُرْصٌ كَثِيرُونَ كانُوا في إِسرائِيل، أَيَّامَ إِلِيشَعَ النَّبيّ، فَلَمْ يَطْهُرْ أَيٌّ مِنْهُم، بَلْ طَهُرَ نُعْمَانُ السُّرْيَانِيّ ».
فٱمْتَلأَ جَمِيعُ الَّذِينَ في المَجْمَعِ غَضَبًا، حِينَ سَمِعُوا ذلِكَ.
وقَامُوا فَأَخْرَجُوهُ إِلى خَارِجِ المَدِينَة، وٱقْتَادُوهُ إِلى حَرْفِ الجَبَل، المَبْنِيَّةِ عَلَيْهِ مَدِينَتُهُم، لِيَطْرَحُوهُ عَنْهُ.
أَمَّا هُوَ فَجَازَ في وَسَطِهِم وَمَضَى.
العظة 11
خرجت الأرملة الفقيرة تبحث عن قطعتين من الخشب كي تصنع الخبز، وهناك التقاها إيليّا. كانت هذه المرأة رمزًا للكنيسة؛ (تلك القطعتين من الخشب ترمزان للصليب) لأنّ الصليب مصنوع من خشبتين. إذًا، إنّ تلك التي كادت تموت خرجت تبحث عمّا يجعلها تعيش إلى الأبد. يوجد هنا سرّ خفيّ... قال لها إيليّا: "أُدخُلي فأَعِدِّي كما قُلتِ، ولكِن أَعِدّي لي مِن ذلك أولاً قُرصًا صَغيرًا وأتيني به، ثُمَّ أَعِدِّي لَكِ ولاَبنِكِ بَعدَئِذٍ. فإِنَّه هَكذا قالَ الرَّبُّ إلهِ إسرائيل: إِنَّ جرةَ الدَّقيقِ لا تَفرُغ وقارورةَ الزَّيتِ لا تَنقُص، إلى يَومِ يُرسِلُ الرَّبّ مَطرَاً على وَجهِ الأَرضَ" (1مل 17: 13-14). يا له من فقرٍ سعيد! إن نالت الأرملة في هذه الدنيا أجرًا كهذا، فأيّ مكافأة عليها أن تتوقّع في الحياة الأخرى!أنا أُصرّ على هذه الفكرة: لا ننتظرنّ أن نجني ثمار زرعنا خلال الزمن الذي فيه نزرع. في هذه الدنيا، نحن نزرع في العذاب ما سيصبح حصاد الأعمال الصالحة، إنّما سنحصد الثمار وسط الفرح في وقت لاحق، بحسب ما كُتب: "يَنطَلِقُ فيَسيرُ باكِيًا وهو يَحمِلُ البَذْرَ يَعودُ فيَأتي مُهَلِّلاً وهو يَحمِلُ حُزَمَه" (مز 126[125]: 6). إنّ تصرّف إيليّا مع هذه المرأة كان في الواقع رمزًا وليس مكافأةً لها. فإن كوفئت هذه الأرملة في هذه الدنيا لأنّها أطعمت رجل الله، يكون هذا زمن زرعٍ فقير وحصادٍ شحيح! هي لم تنلْ سوى مكافأة دنيويّة: "جرّة الدقيق التي لا تفرغ وقارورة الزيت التي لا تنقص إلى يَومِ يُرسِلُ الربّ مَطرًا على وَجهِ الأرض". هذه العلامة التي مُنحت لها من الله لأيّامٍ قليلة، كانت إذًا رمزًا للحياة المستقبليّة حيث لا تنقص مكافأتنا. سيصبح الله دقيقنا! كدقيق هذه المرأة الذي لم يفرغ طيلة هذه الأيّام، فإنّ الله لن يغيب عنّا طوال الأبديّة... ازرع بثقة وسيأتي حصادك بالتأكيد؛ سيأتي بعد مدّة؛ لكن حين سيأتي، ستحصد دون نهاية.
#شربل سكران بالله