قالَ الربُّ يَسوعُ: «مَنْ مِنْكُم يَكُونُ لَهُ صَدِيق، وَيَذْهَبُ إِلَيهِ في نِصْفِ ٱللَّيل، وَيَقُولُ لَهُ: يَا صَدِيقِي، أَقْرِضْنِي ثَلاثَةَ أَرْغِفَة،
لأَنَّ صَدِيقًا لي قَدِمَ عَلَيَّ مَنْ سَفَر، وَلَيْسَ عِنْدِي مَا أُقَدِّمُهُ لَهُ؛
فَيُجِيبُهُ صَدِيقُهُ مِنَ الدَّاخِلِ ويَقُول: لا تُزْعِجْنِي! فَٱلبَابُ الآنَ مُغْلَق، وَأَوْلادِي مَعِي في الفِرَاش، فَلا أَقْدِرُ أَنْ أَقُومَ لأُعْطِيَكَ؟
أَقُولُ لَكُم: إِنْ كَانَ لا يَقُومُ وَيُعْطِيهِ لأَنَّهُ صَدِيقُهُ، فإِنَّهُ مِنْ أَجْلِ لَجَاجَتِهِ يَنْهَضُ وَيُعْطِيهِ كُلَّ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْه.
خلاصة لاهوتيّة (Compendium theologiae, II)، الفصل الأوّل
بحسب مخطّط العناية الإلهيّة، أُعطِيَ كلّ كائن السبيل لتحقيق غايته وفق ما يناسب طبيعته. كما أُعطِيَ الإنسان أيضًا طريقة تلائم طبيعته البشريّة لنيل ما يرجوه من الله. وبحسب هذه الطبيعة البشريّة، يستخدم الإنسان الطلب طريقةً للحصول على ما يرجوه من الغير، وبالأخصّ إذا كان الشخص الذي يتوجّه إليه أعلى منه مرتبة. لذلك، يُنصَح الناس بالصلاة لنيل ما يرجونه من الله. لكنّ الحاجة إلى الصلاة تختلف في حال كنّا نريد الحصول على شيء من الإنسان أو من الله.عندما نتوجّه بالطلب إلى إنسان، يجب أن يعبّر الطلب أوّلاً عن رغبة مَن يطلب وعن حاجته. كما يجب أن تستعطف قلب مَن ترجو حتّى تجعله يستسلم. غير أنّه لا مكان لهذين العنصرين في الصلاة الموجّهة إلى الله. عندما نصلّي، ليس علينا أن نهتمّ لإظهار رغباتنا أو حاجاتنا أمام الله الذي يعرف كلّ شيء. هذا ما قاله صاحب المزمور للربّ: "أيها السّيد، بُغيَتي كلها أَمامَك وتنهدي لا يَخفى عليك" (مز 38[37]: 10). ونقرأ في الإنجيل: "أَباكُم يَعلَمُ ما تَحتاجونَ إِلَيه قبلَ أَن تَسأَلوه" (مت 6: 8). ولا نسعى بكلام بشريّ إلى تغيير مشيئة الله ليريد ما لم يكن يريده في البداية لأنّه قيل في سفر العدد: "لَيسَ اللهُ إِنسانًا فيَكذِب ولا ابنَ بَشَرٍ فيَندَم" (عد 23: 19).
#شربل سكران بالله