لاحَظَ يَسُوعُ كَيْفَ كَانَ المَدْعُووُّنَ يَخْتَارُونَ المَقَاعِدَ الأُولى، فَقَالَ لَهُم هذَا المَثَل:
«إِذَا دَعَاكَ أَحَدٌ إِلى وَلِيمَةِ عُرْس، فَلا تَجْلِسْ في المَقْعَدِ الأَوَّل، لَرُبَّما يَكُونُ قَدْ دَعَا مَنْ هُوَ أَعْظَمُ مِنْكَ قَدْرًا،
فَيَأْتي الَّذي دَعَاكَ وَدَعَاهُ وَيَقُولُ لَكَ: أَعْطِهِ مَكَانَكَ! فَحِينَئِذٍ تُضْطَرُّ خَجِلاً إِلى الجُلُوسِ في آخِرِ مَقْعَد!
ولكِنْ إِذَا دُعِيتَ فٱذْهَبْ وٱجْلِسْ في آخِرِ مَقْعَد، حَتَّى إِذَا جَاءَ الَّذي دَعَاكَ يَقُولُ لَكَ: يا صَدِيقي، تَقَدَّمْ إِلى أَعْلَى! حِينَئِذٍ يَعْظُمُ شَأْنُكَ فِي عَيْنِ الجَالِسِينَ مَعَكَ.
لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَرْفَعُ نَفْسَهُ يُوَاضَع، وَمَنْ يُواضِعُ نَفْسَهُ يُرْفَع.»
شرح لإنجيل القدّيس لوقا، 2: 14
"تُعِدُّ مائِدةً أَمامي تُجاهَ مُضايِقيَّ" (مز 23[22]: 5) وما الذي قد نشتهيه أكثر؟ لماذا قد نختار المقاعد الأولى؟ فأيٍ يكون الموقع الذي نتخذّه فأمامنا كلّ ما نريد ولا ينقصنا أيّ شيء. أما أنت يا من يبحث عن المقاعد الأولى اذهب إلى الموضع الأخير فلا يهمّ من تكون. لا تسمح لمعرفتك أن تُلهب كبريائك، ولا تدع الشُهرة تُسكرك. بل كما علا شأنك وجب عليك أن تتواضع في كلّ شيء، و "نِلت حُظوَةً عِندَ الله" (لو 1: 30) حتى متى آن الأوان، قال لك: "قُمْ إِلى فَوق، يا أَخي" وبذلك "يَعظُمُ شَأنُكَ في نَظَرِ جَميعِ جُلَسائِكَ على الطَّعام."ولو عاد الأمر إلى موسى لكان بكل تأكيد شغل الموقع الأخير. إذ عندما أراد الربّ أن يرسله إلى بني إسرائيل، ودعاه ليتقدّم ويرفع من موقعه، أجابه، "العَفْوَ يا رَبّ، أَرسِلْ مَن تُريدُ أَن تُرسِلَه لأَنِّي ثَقيلُ الفَمِ وثَقيلُ اللِّسان" (خر 4: 13). وكأنه كان يقول "لا أستحق هذا المنصب الرفيع". وكذلك شاول كان يعتبر نفسه من نسبٍ متواضعٍ عندما جعله الربّ ملكًا. وأيضًا كان الحال مع إرميا الذي خاف من التقدّم إلى المقعد الأول وقال، "آهِ ايُّها السَّيِّد الرَّبّ هاءنَذا لا أَعرِفُ أَن أتكلَمَ لِأَنِّي وَلَد." (إر 1: 6). إذًا فعلينا أن نسعى إلى المقعد الأول من خلال التواضع وليس الكبرياء ومن خلال الفضائل وليس المال.
#شربل سكران بالله