قََالَ الرَبُّ يَسُوعُ لِتَلامِيذِهِ مَثَلاً في أَنَّهُ يَنْبَغي أَنْ يُصَلُّوا كُلَّ حِينٍ وَلا يَمَلُّوا،
قَال: «كانَ في إِحْدَى المُدُنِ قَاضٍ لا يَخَافُ اللهَ وَلا يَهَابُ النَّاس.
وَكانَ في تِلْكَ المَدِينَةِ أَرْمَلَةٌ تَأْتِي إِلَيْهِ قَائِلَة: أَنْصِفْني مِنْ خَصْمي!
وظَلَّ يَرْفُضُ طَلَبَها مُدَّةً مِنَ الزَّمَن، ولكِنْ بَعْدَ ذلِكَ قَالَ في نَفْسِهِ: حَتَّى ولَو كُنْتُ لا أَخَافُ اللهَ وَلا أَهَابُ النَّاس،
فَلأَنَّ هذِهِ الأَرْمَلةَ تُزْعِجُني سَأُنْصِفُها، لِئَلاَّ تَظَلَّ تَأْتِي إِلى غَيْرِ نِهَايةٍ فَتُوجِعَ رَأْسِي!».
ثُمَّ قالَ الرَّبّ: «إِسْمَعُوا مَا يَقُولُ قَاضِي الظُّلْم.
أَلا يُنْصِفُ اللهُ مُخْتَارِيهِ الصَّارِخِينَ إِلَيْهِ لَيْلَ نَهَار، ولو تَمَهَّلَ في الٱسْتِجَابَةِ لَهُم؟
أَقُولُ لَكُم: إِنَّهُ سَيُنْصِفُهُم سَرِيعًا. ولكِنْ مَتَى جَاءَ ٱبْنُ الإِنْسَان، أَتُراهُ يَجِدُ عَلَى الأَرْضِ إِيْمَانًا؟».
ما من حُبٍّ أعظم، الفصل الأول
لا يمكننا تغذية هبة الصلاة سوى بالتأمّل والقراءة الروحيّة. فالصلاة العقليّة تنمو جنبًا إلى جنب مع البساطة، أي في نسيان الذات، في تجاوز الجسد والحواسّ، وفي تجديد التطلّعات الّتي تغذّي صلاتنا. هذا يعني، بحسب قول القدّيس يوحنّا ماري فِيَنّي (كاهن وخوري آرس)، أن "نغمض أعيننا، ونغلق أفواهنا، ونفتح قلوبنا". في الصلاة اللفظيّة، نتكلّم مع الله؛ في الصلاة العقليّة، هو يخاطبنا. وفي هذا الوقت بالذات يبثّ ذاته فينا.يجب أن تكون صلواتنا مؤلّفة من كلمات مضطرمة، منبعثة من أتون قلوبنا المليئة بالحبّ. في صلواتك، تَوَجَّه إلى الله بخشوع كبير وبثقة كبيرة. لا تتثاقل، ولا تتسرّع؛ لا تصرخ، ولا تستسلم للبُكم؛ إنّما بتقوى، بعذوبة كبيرة، بكلّ بساطة، دون أيّ تأثير، قدّم تسبيحك لله من كلّ قلبك وكلّ نفسك.وأخيرًا، دَع حُبّ الله يمتلك لِمَرَّةٍ قلبك كاملاً، وَدَع هذا الحبّ يصبح في قلبك طبيعته الثانية؛ لا تسمح أن يدخل قلبَك شيءٌ معاكس لذلك؛ دَعهُ يطابق دائمًا نموَّ هذا الحُبّ بالبحث عن إرضاء الله في كلّ شيء، ودون رفض أيّ شيء له؛ دَعهُ يَقبَل كلّ ما يجري له كأنّه آتٍ مِن يَد الله؛ اجعله يكون مُصَمِّمًا عدم ارتكاب أيّ خطيئة إراديًّا أو طَوعيًّا – أو، إذا فَشِل، اجعله يتواضع ويتعلّم النهوض في اللحظة ذاتها. فمثل هذا القلب يُصَلّي باستمرار.
#شربل سكران بالله