قالَ الربُّ يَسوعُ: «يُشْبِهُ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ رَبَّ بَيْتٍ خَرَجَ مَعَ الفَجْرِ لِيَسْتَأْجِرَ فَعَلَةً لِكَرْمِهِ.
وٱتَّفَقَ مَعَ الفَعَلَةِ عَلى دِينَارٍ في اليَوْمِ فَأَرْسَلَهُم إِلى كَرْمِهِ.
ثُمَّ خَرَجَ نَحْوَ السَّاعَةِ التَّاسِعَةِ فَرَأَى فَعَلَةً آخَرِينَ واقِفِينَ في السَّاحَةِ بَطَّالِين.
فقَالَ لَهُم: إِذْهَبُوا أَنْتُم أَيْضًا إِلى الكَرْم، وسَأُعْطِيكُم مَا يَحِقُّ لَكُم.
فَذَهَبُوا. وعَادَ فَخَرَجَ نَحْوَ الظُّهْر، ثُمَّ نَحْوَ السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ بَعْدَ الظُّهْر، وفَعَلَ كَذلِكَ.
ثُمَّ خَرَجَ نَحْوَ السَّاعَةِ الخَامِسَةِ مَسَاءً فَوَجَدَ فَعَلَةً آخَرِينَ واقِفِين، فَقَالَ لَهُم: لِمَاذَا تَقِفُونَ هُنَا طُولَ النَّهَارِ بَطَّالِين؟
قَالُوا لَهُ: «لأَنَّهُ لَمْ يَسْتَأْجِرْنَا أَحَد! قَالَ لَهُم: إِذْهَبُوا أَنْتُم أَيضًا إِلى الكَرْم.
ولَمَّا كَانَ المَسَاء، قَالَ رَبُّ الكَرْمِ لِوَكِيلِهِ: أُدْعُ الفَعَلَة، وٱدْفَعْ لَهُم أَجْرَهُم مُبْتَدِئًا بِالآخِرِيْن، مُنْتَهِيًا بِالأَوَّلِين.
وجَاءَ فَعَلَةُ السَّاعَةِ الخَامِسَةِ مَسَاءً فَأَخَذَ كُلٌّ مِنْهُم دينَارًا.
ولَمَّا جَاءَ الأَوَّلُون، ظَنُّوا أَنَّهُم سَيَأْخُذُونَ أَكْثَر. فَأَخَذَ كُلٌّ مِنْهُم أَيْضًا دينَارًا.
ولَمَّا أَخَذُوا الدِّيْنَارَ بَدَأُوا يَتَذَمَّرُونَ على رَبِّ البَيْتِ،
قَائِلين: هؤُلاءِ الآخِرُونَ عَمِلُوا سَاعَةً واحِدَة، وأَنْتَ سَاوَيْتَهُم بِنَا نَحْنُ الَّذينَ ٱحْتَمَلْنا ثِقَلَ النَّهَارِ وحَرَّهُ!
فأَجَابَ وقَالَ لِوَاحِدٍ مِنْهُم: يَا صَاحِب، أَنَا مَا ظَلَمْتُكَ! أَمَا ٱتَّفَقْتَ مَعِي على دِينَار؟
خُذْ مَا هُوَ لَكَ وٱذْهَبْ. فَأَنَا أُريدُ أَنْ أُعْطِيَ هذَا الأَخِيْر، كَمَا أَعْطَيْتُكَ.
أَمَا يَحِقُّ لي أَنْ أَتَصَرَّفَ بِأَمْوَالي كَمَا أُريد؟ أَمْ عَيْنُكَ شِرِّيرَةٌ لأَنِّي أَنَا صَالِح؟
هكَذَا يَصِيرُ الآخِرُونَ أَوَّلِين، والأَوَّلُونَ آخِرِين».
العظة الأولى بمناسبة عيد ارتداد القديّس بولس
إخوتي الأحبّاء، إنّ ارتداد الّي أقامه الرّب "مُعَلِّمًا لِلوَثَنيِّينَ في الإِيمانِ والحَقّ" (1تم 2: 7) هو بِحَقٍّ عيدٌ تحتفل به كلّ الشعوب اليوم بفرح. في الواقع، كثيرة هي الفروع الّتي نبتت من هذا الجِذر؛ فما إن ارتدّ بولس حتّى أصبح آداة ارتداد العالم بأسره. في ما مضى، عندما كان لا يزال عائشًا في الجسد ولكن ليس بحسب الجسد (راجع رو 8: 5)، أرجَعَ الكثيرين إلى الله بواسطة وَعظه؛ واليوم أيضًا، إذ هو حَيّ في الله حياةً أكثر سعادةً، لا يزال يعمل على ارتداد أُناس من خلال مَثَله وصلاته وعقيدته...هذا العيد منبع كبير للخيرات لكلّ الّذين يحتفلون به... فكيف نَيأس، مهما كانت زلاّتُنا كثيرة، عندما نسمع بأنّ "شاول، إذ كان صدرُه لا يزال يَنفُثُ تَهديدًا وتَقتيلاً لِتَلاميذِ الرَّبّ" قد تحوّل فجأة إلى "أَداة مُختارَة"؟ (راجع أع 9: 1 - 15). فأيٌّ منّا يستطيع القول، تحت وطأة خطاياه: لا أستطيع النهوض لأعيش حياةً أفضل، فيما، على الطريق ذاتها حيث كان يقوده قلبه المتعطّش كراهيةً، أصبح المضطَهِدُ العنيف فجأة مبشِّرًا وفيًّا؟ هذا الارتداد وحده يبرهن لنا في يوم مَهيب عظمة رحمة الله وقوّة نعمته...فههنا، يا إخوتي، نموذج مثاليّ للارتداد: "قلبي مستعدّ يا ألله، قلبي مستعدّ... ماذا تريدني أن أفعل؟" (راجع مز57[56]: 8 + أع 9: 6). كلمة مقتضبة، ولكنّها كاملة، وحيّة، وفعّالة وجديرة بكلّ استجابة! فعسى أن يتواجد عدد قليل من الناس في هذا الاستعداد للطاعة الكاملة، متخلّين عن إرادتهم لدرجة أنّهم لا يعودون يمتلكون حتّى قلبهم ذاته. وعسى أن يتواجد عدد قليل جدًّا من الأناس الّذين يبحثون في كلّ لحظة، ليس عمّا يريدونه هُم أنفسهم، بل عمّا يريده الله، قائلين له باستمرار: "يا ربّ، ماذا تريدني أن أفعل؟"
#شربل سكران بالله