عَقَدَ الأَحْبَارُ والفَرِّيسِيُّونَ مَجْلِسًا، وقَالُوا: «مَاذَا نَعْمَل؟ فَإِنَّ هذَا الرَّجُلَ يَصْنَعُ آيَاتٍ كَثِيرَة!
إِنْ تَرَكْنَاهُ هكَذَا يُؤْمِنُ بِهِ الجَميع، فَيَأْتِي الرُّومَانُ ويُدَمِّرُونَ هَيْكَلَنا وأُمَّتَنَا».
فَقَالَ لَهُم وَاحِدٌ مِنْهُم، وهُوَ قَيَافَا، عَظِيمُ الأَحْبَارِ في تِلْكَ السَّنَة: «أَنْتُم لا تُدْرِكُونَ شَيْئًا،
ولا تُفَكِّرُونَ أَنَّهُ خَيْرٌ لَنَا أَنْ يَمُوتَ رَجُلٌ وَاحِدٌ فِدَى الشَّعْبِ ولا تَهْلِكَ الأُمَّةُ بِأَسْرِهَا!».
ومَا قَالَ ذلِكَ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ، ولكِنْ إذْ كَانَ عَظِيمَ الأَحْبَارِ في تِلْكَ السَّنَة، تَنبَّأَ بِأَنَّ يَسُوعَ سَيَمُوتُ فِدَى الأُمَّة.
ولَيْسَ فِدَى الأُمَّةِ وَحْدَهَا، بَلْ أَيْضًا لِيَجْمَعَ في وَاحِدٍ أَوْلادَ اللهِ المُشَتَّتِين.
فَعَزَمُوا مِنْ ذلِكَ اليَوْمِ عَلى قَتْلِ يَسُوع.
فَمَا عَادَ يَتَجَوَّلُ عَلَنًا بَيْنَ اليَهُود، بَلْ مَضَى مِنْ هُنَاكَ إِلى نَاحِيَةٍ قَريبَةٍ مِنَ البَرِّيَّة، إِلى مَدينَةٍ تُدْعَى إِفْرَائِيمَ، وأَقَامَ فيهَا مَعَ تَلامِيذِهِ.
شرح لرسالة القدّيس بولس إلى أهل رومة، 15: 7
لقد كُتب: "نَحنُ في كَثْرَتِنا جَسَدٌ واحِدٌ في المسيح لأَنَّنا أَعضاءُ بَعضِنا لِبَعْض" (رو 12: 5) لأنّ الرّب يسوع المسيح يوحّدنا برباط المحبّة: "فقَد جَعَلَ مِنَ الجَماعتَينِ جَماعةً واحِدة وهَدَمَ في جَسَدِه الحاجِزَ الَّذي يَفصِلُ بَينَهما، أَيِ العَداوة" (أف 2: 14). يجب علينا إذًا أن نبادله المشاعر نفسها "فإِذا تَأَلَّمَ عُضوٌ تَأَلَّمَت مَعَه سائِرُ الأَعضاء، وإِذا أُكرِمَ عُضوٌ سُرَّت معَه سائِرُ الأَعضاء" (1كور 12: 26). لذلك قال أيضًا القدّيس بولس: "فتَقَبَّلوا إِذًا بَعضُكُم بَعضاً، كما تَقبَّلَكمُ المسيح، لِمَجْدِ الله" (رو 15: 7). فلنتقبّل إذًا بعضنا بعضًا، إذا كنّا نريد أن نتحلّى بالمشاعر نفسها. "مُحتَمِلينَ بَعضُكُم بَعضًا في المَحبَّة ومُجتَهِدينَ في المُحافَظَةِ على وَحدَةِ الرُّوحِ بِرِباطِ السَّلام" (أف 4: 2-3). فهكذا يستقبلنا الله في الرّب يسوع المسيح، لأنّ الرّب قال حقًا: "فإِنَّ اللهَ أَحبَّ العالَمَ حتَّى إِنَّه جادَ بِابنِه الوَحيد لِكَي لا يَهلِكَ كُلُّ مَن يُؤمِنُ بِه بل تكونَ له الحياةُ الأَبدِيَّة" (يو 3: 16). في الواقع، لقد أُعطِي الابن فداءً عن حياتنا نحن كلّنا، فأعتقنا من الموت وافتُدينا من الموت ومن الخطيئة. سلّط القدّيس بولس الضوء على أفق مشروع الخلاص هذا حين قال: "إِنَّ المسيحَ صارَ خادِمَ أَهْلِ الخِتان لِيَفِيَ بِصِدْقِ اللهِ وُيثبتَ المَواعِدَ الَّتي وُعِدَ بِها الآباء" (رو 15: 8) لأنّ الله قد وعد الآباء الأقدمين، آباء اليهود، أنّه سيبارك نسلهم الذي سيصبح عديدًا كنجوم السماء. لذلك تجسّد الكلمة، الّذي هو الله، وصار إنسانًا. إنّه يُبقي في الوجود كلّ الخليقة ويضمن حُسن البقاء لكلّ ما هو موجود، بما أنّه الله. لكنّ "ابنَ الإِنسانِ لم يَأتِ لِيُخدَم"، كما قال بنفسه، "بل لِيَخدُمَ ويَفدِيَ بِنَفْسِه جَماعةَ النَّاس". (مر 10: 45).
#شربل سكران بالله