فِيمَا الرُسُلُ يَتَكَلَّمُونَ بِهذَا، وَقَفَ يَسُوعُ في وَسَطِهِم، وقَالَ لَهُم: «أَلسَّلامُ لَكُم!».
فٱرْتَاعُوا، وٱسْتَوْلى عَلَيْهِمِ الخَوْف، وكَانُوا يَظُنُّونَ أَنَّهُم يُشَاهِدُونَ رُوحًا.
فقَالَ لَهُم يَسُوع: «مَا بَالُكُم مُضْطَرِبِين؟ وَلِمَاذَا تُخَالِجُ هذِهِ الأَفْكَارُ قُلُوبَكُم؟
أُنْظُرُوا إِلى يَدَيَّ وَرِجْلَيَّ، فَإِنِّي أَنَا هُوَ. جُسُّونِي، وٱنْظُرُوا، فإِنَّ الرُّوحَ لا لَحْمَ لَهُ وَلا عِظَامَ كَمَا تَرَوْنَ لِي!».
قالَ هذَا وَأَرَاهُم يَدَيْهِ وَرِجْلَيْه.
وَإِذْ كَانُوا بَعْدُ غَيْرَ مُصَدِّقِينَ مِنَ الفَرَح، وَمُتَعَجِّبِين، قَالَ لَهُم: «هَلْ عِنْدَكُم هُنَا طَعَام؟».
فَقَدَّمُوا لَهُ قِطْعَةً مِنْ سَمَكٍ مَشْوِيّ، وَمِنْ شَهْدِ عَسَل.
فَأَخَذَهَا وَأَكَلَهَا بِمَرْأًى مِنْهُم،
وقَالَ لَهُم: «هذَا هُوَ كَلامِي الَّذي كَلَّمْتُكُم بِهِ، وَأَنا بَعْدُ مَعَكُم. كانَ يَنْبَغِي أَنْ يَتِمَّ كُلُّ مَا كُتِبَ عَنِّي في تَوْرَاةِ مُوسَى، وَالأَنْبِيَاءِ وَالمَزَامِير».
حِينَئِذٍ فَتَحَ أَذْهَانَهُم لِيَفْهَمُوا الكُتُب.
ٱلْأَعْدَاد ٩٩٦ - ١٠٠٠
مُنْذُ بَدَايَتِهِ، وَاجَهَ ٱلْإِيمَانُ ٱلْمَسِيحِيُّ بِٱلْقِيَامَةِ ٱلْكَثِيرَ مِنْ عَدَمِ ٱلْفَهْمِ وَٱلْمُعَارَضَةِ. وَفِي هٰذَا ٱلصَّدَدِ، يَقُولُ ٱلْقِدِّيسُ أُوغُسْطِينُس: "لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ تَنَاقُضٌ حَوْلَ مَوْضُوعٍ أَكْثَرَ مِنْ مَوْضُوعِ قِيَامَةِ ٱلْجَسَدِ". إِنَّهُ مِنَ ٱلْمَقْبُولِ عُمُومًا أَنْ تَسْتَمِرَّ ٱلْحَيَاةُ بَعْدَ ٱلْمَوْتِ بِطَرِيقَةٍ رُوحِيَّةٍ، وَلٰكِنْ، كَيْفَ يُمْكِنُنَا أَنْ نُؤْمِنَ بِأَنَّ هٰذَا ٱلْجَسَدَ ٱلزَّائِلَ سَوْفَ يَقُومُ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلْأَبَدِيَّةِ؟ما هِيَ ٱلْقِيَامَةُ؟ فِي ٱلْمَوْتِ، تَنْفَصِلُ ٱلنَّفْسُ عَنِ ٱلْجَسَدِ. فَهٰذَا ٱلْأَخِيرُ يَفْسُدُ، وَأَمَّا ٱلنَّفْسُ، فَتَذْهَبُ لِلِقَاءِ خَالِقِهَا، وَتَبْقَىٰ فِي حَالَةِ ٱنْتِظَارٍ لِتَتَّحِدَ مَعَ جَسَدِهَا ٱلْمُمَجَّدِ. فَٱللّٰهُ ٱلْقَدِيرُ سَوْفَ يُعِيدُ ٱلْحَيَاةَ غَيْرَ ٱلْفَاسِدَةِ لِأَجْسَادِنَا، بِٱتِّحَادِهَا بِأَنْفُسِنَا، بِقُوَّةِ قِيَامَةِ ٱلرَّبِّ يَسُوعَ.مَن سَوْفَ يَقُومُ؟ جَمِيعُ ٱلْأَمْوَاتِ: "ٱلَّذِينَ عَمِلُوا ٱلصَّالِحَاتِ فَيَقُومُونَ لِلْحَيَاةِ، وَأَمَّا ٱلَّذِينَ عَمِلُوا ٱلسَّيِّئَاتِ فَيَقُومُونَ لِلْقَضَاءِ" (يو ٥: ٢٩). كَيْفَ؟ لَقَدْ قَامَ ٱلرَّبُّ يَسُوعُ بِجَسَدِهِ: "ٱنْظُرُوا إِلَىٰ يَدَيَّ وَقَدَمَيَّ. أَنَا هُوَ بِنَفْسِي" (لو ٢٤: ٣٩). وَلٰكِنَّهُ لَمْ يَعُدْ إِلَىٰ حَيَاةٍ أَرْضِيَّةٍ. وَبِنَفْسِ ٱلطَّرِيقَةِ، "سَوْفَ يَقُومُ ٱلْجَمِيعُ مَعَهُ بِٱلْجَسَدِ" (مَجْمَعُ ٱللَّاتِرَانِ ٱلرَّابِع)، وَ"ٱلرَّبُّ يَسُوعُ ٱلْمَسِيحُ... سَيُغَيِّرُ هَيْئَةَ جَسَدِنَا ٱلْحَقِيرِ، فَيَجْعَلُهُ عَلَىٰ صُورَةِ جَسَدِهِ ٱلْمَجِيدِ" (في ٣: ٢٠ – ٢١)، "فَيَقُومُ جِسْمًا رُوحِيًّا" (١كور ١٥: ٤٤)."وَرُبَّ قَائِلٍ يَقُولُ: كَيْفَ يَقُومُ ٱلْأَمْوَاتُ؟ فِي أَيِّ جَسَدٍ يَعُودُونَ؟ يَا لَكَ مِنْ غَبِيٍّ! مَا تَزْرَعُهُ أَنْتَ لَا يَحْيَا إِلَّا إِذَا مَاتَ. وَمَا تَزْرَعُهُ هُوَ غَيْرُ ٱلْجِسْمِ ٱلَّذِي سَوْفَ يَكُونَ، وَلٰكِنَّهُ مُجَرَّدُ حَبَّةٍ مِنَ ٱلْحِنْطَةِ مَثَلًا، أَوْ غَيْرِهَا مِنَ ٱلْبُزُورِ... وَهٰذَا شَأْنُ قِيَامَةِ ٱلْأَمْوَاتِ. يَكُونُ زَرْعُ ٱلْجِسْمِ بِفَسَادٍ، وَٱلْقِيَامَةُ بِغَيْرِ فَسَادٍ... فَلَا بُدَّ لِهٰذَا ٱلْكَائِنِ ٱلْفَاسِدِ أَنْ يَلْبَسَ مَا لَيْسَ بِفَاسِدٍ، وَلِهٰذَا ٱلْكَائِنِ ٱلْفَانِي أَنْ يَلْبَسَ ٱلْخُلُودَ" (١كور ١٥: ٣٥ – ٥٣).إِنَّ هٰذِهِ ٱلْكَيْفِيَّةَ تَتَجَاوَزُ مُخَيِّلَتَنَا وَفَهْمَنَا، وَلَا نَبْلُغُهَا إِلَّا بِٱلْإِيمَانِ. وَلٰكِنَّ مُشَارَكَتَنَا فِي ٱلْإِفْخَارِسْتِيَّا تُجْعِلُنَا نَتَذَوَّقُ مُسْبَقًا تَجَلِّي هٰذَا ٱلْجَسَدِ فِي ٱلرَّبِّ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ: "وَكَمَا أَنَّ ٱلْخُبْزَ ٱلَّذِي يَأْتِي مِنَ ٱلْأَرْضِ، يَتَحَوَّلُ بَعْدَ دَعْوَةِ ٱللّٰهِ قُرْبَانًا مُقَدَّسًا مُكَوَّنًا مِنْ طَبِيعَتَيْنِ، أَرْضِيَّةٍ وَسَمَاوِيَّةٍ، هٰكَذَا تُصْبِحُ أَجْسَادُنَا بِتَنَاوُلِهَا ٱلْقُرْبَانَ ٱلْمُقَدَّسَ أَجْسَادًا غَيْرَ فَاسِدَةٍ لِأَنَّ لَدَيْهَا رَجَاءَ ٱلْقِيَامَةِ" (القِدِّيس إِيرِينَاوُس).مَتَىٰ يَكُونُ ذٰلِكَ؟ "فِي ٱلْيَوْمِ ٱلْأَخِيرِ" (يو ٦: ٣٩)، عِنْدَ نِهَايَةِ ٱلْعَالَمِ. فَفِعْلًا، إِنَّ قِيَامَةَ ٱلْأَمْوَاتِ تَرْتَبِطُ ٱرْتِبَاطًا وَثِيقًا بِٱلْمَجِيءِ ٱلثَّانِي لِلرَّبِّ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ.
#شربل سكران بالله