إنجيل القدّيس متّى 39-29:15
أَتَى يَسُوعُ إِلى نَاحِيَةِ بَحْرِ الجَليل، وصَعِدَ إِلى الجَبَلِ فَجَلَسَ هُنَاك.
ودَنَا مِنْهُ جُمُوعٌ كَثِيْرَة، ومَعَهُم عُرْجٌ، وعُمْيَان، ومُقْعَدُون، وخُرْسٌ، ومَرْضَى كَثِيْرُون. وطَرَحُوهُم عِنْدَ قَدَمَي يَسُوعَ فَشَفَاهُم،
حَتَّى تَعَجَّبَ الجَمْعُ لَمَّا رَأَوا الخُرْسَ يَتَكَلَّمُون، والمُقْعَدِ²يْنَ يُشْفَوْن، والعُرْجَ يَمْشُون، والعُمْيَانَ يُبْصِرُون. فَمَجَّدُوا إِلهَ إِسْرَائِيل.
ودَعَا يَسُوعُ تَلامِيْذَهُ وقَال: «أَتَحَنَّنُ على هذَا الجَمْع، لأَنَّهُم يُلازِمُونَنِي مُنْذُ ثَلاثَةِ أَيَّام، ولَيْسَ لَهُم مَا يَأْكُلُون. ولا أُرِيْدُ أَنْ أَصْرِفَهُم صَائِمِينَ لِئَلاَّ تَخُورَ قُوَاهُم في الطَّريق».
فقَالَ لَهُ التَّلامِيذ: «مِنْ أَيْنَ لَنَا في البَرِّيَّةِ خُبْزٌ بِهذَا المِقْدَارِ حَتَّى يُشْبِعَ هذَا الجَمْعَ الغَفِيْر؟».
فَقَالَ لَهُم يَسُوع: «كَمْ رَغِيْفًا لَدَيْكُم؟». فَقَالُوا: «سَبْعَةُ أَرْغِفَة، وبَعْضُ سَمَكَاتٍ صِغَار».
وأَمَرَ يَسُوعُ الجَمْعَ أَنْ يَجْلِسُوا عَلى الأَرْض.
وأَخَذَ الأَرْغِفَةَ السَّبْعَةَ والسَّمَكَات، وشَكرَ وكَسَرَ وبَدَأَ يُنَاوِلُ التَّلامِيْذ، والتَّلامِيْذُ يُنَاوِلُونَ الجُمُوع.
فَأَكَلُوا جَمِيْعُهُم وشَبِعُوا، ورَفَعُوا مِنْ فَضَلاتِ الكِسَرِ سَبْعَةَ سِلالٍ مَمْلُوءَة.
وكَانَ الآكِلُونَ أَرْبَعَةَ آلافِ رَجُل، ما عَدَا النِّسَاءَ والأَطْفَال.
وبَعْدَ أَنْ صَرَفَ الجُمُوعَ ركِبَ السَّفِيْنَة، وجَاءَ إِلى نَوَاحِي مَجْدَلْ.
الفقرات 1402 – 1405
خبزنا في الصحراء: الإفخارستيّا، ضمانة المجد الآتي
في صلاة قديمة، تهتف الكنيسة مهلّلة لسرّ الإفخارستيّا: "يا أيّتها الوليمة المقدّسة التي تُصَيِّر الرّب يسوع المسيح طعامنا، وتحيي ذكرى آلامه، وتفعم بالنعمة نفسنا وتعطينا عربون الحياة الآتيه". فالإفخارستيّا هي، ولا شكّ، تذكار فصح الربّ، وباشتراكنا في المذبح نمتلئ "من كلّ بركة سماويّة ونعمة". ولكنّ الإفخارستيّا هي أيضًا استباق للمجد السماوي. في العشاء الأخير، لفت الربّ نفسه نظر تلاميذه إلى اكتمال الفصح في ملكوت الله: "أَقولُ لكم: لَن أَشرَبَ بعدَ الآن مِن عَصيرِ الكَرْمَةِ هذا حتَّى ذلك اليَومِ الَّذي فيهِ أَشرَبُه مَعَكُم جَديدًا في مَلكوتِ أَبي" (مت 26: 29). كلّ مرّة تحتفل الكنيسة بالإفخارستيّا، تتذكّر هذا الوعد، وترنو بنظرها إلى "ٱلَّذي هُوَ كائِنٌ وَكانَ وَسَيَأتي" (رؤ 1: 4). وفى صلاتها تلتمس مجيئه: "ماراناتا" (راجع 1كور 16: 22)، "آمين! تَعالَ، أَيُّها الرَّبُّ يَسوع"، (رؤ 22: 20)، "لتأت نعمتك وليعبر هذا العالم!"(كتاب الدّيداكيه).
وتُعَلِّم الكنيسة أنّ الربّ، منذ الآن، يأتي في الإفخارستيّا، وأنّه ههنا فيما بيننا. ولكن هذا الحضور محجوب عن الأنظار. ولذا نحتفل بالإفخارستيّا "مُنتَظِرينَ ٱلسَّعادَةَ ٱلمَرجُوَّة، وَتَجَلِّيَ مَجدِ إِلَهِنا ٱلعَظيمِ وَمُخَلِّصِنا يَسوعَ ٱلمَسيحِ" (تي 2: 13)، وطالبين "أن نمتلئ من مجدك، في ملكوتك، كلّنا معًا وإلى الأبد، يوم تُمسح كلّ دمعة من عيوننا. ويوم نراك، أنت إلهنا، كما أنت، سوف نصير شبيهين بك إلى الأبد. ونسبّحك بلا انقطاع" (صلاة الإفخارستيّا).
هذا الرجاء العظيم، رجاء سماوات جديدة وأرض جديدة يقيم فيها البرّ (راجع 2بط 3: 13)، ليس لدينا عليه عربون أوثق وآية أوضح من الإفخارستيّا. ولا غرو، فكلّ مرّة نحتفل بهذا السرّ، "يتمّ عمل فدائنا" (المجمع الفاتيكاني الثاني- في الكنيسة 3)" ونكسر خبزًا واحدًا هو الدواء الذي يكفل لنا الخلود والترياق الذي يحول دون موتنا، بل يتيح لنا أن نحيا في الرّب يسوع المسيح دائمًا" (القدّيس أغناطيوس الأنطاكي).
#شربل سكران بألله