إنجيل القدّيس متّى 45-38:12
أَجَابَ بَعْضُ الكَتَبَةِ والفَرِّيِسِيِّينَ يَسوعَ قَائِلين: «يَا مُعَلِّم، نُرِيدُ أَنْ نَرَى مِنْكَ آيَة».
فَأَجَابَ وقَالَ لَهُم: «جِيْلٌ شِرِّيرٌ فَاجِرٌ يَطْلُبُ آيَة، ولَنْ يُعْطَى آيَةً إِلاَّ آيَةَ يُونَانَ النَّبِيّ.
فكَمَا كَانَ يُونَانُ في بَطْنِ الحُوتِ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ وثَلاثَ لَيَال، كَذلِكَ سَيَكُونُ ٱبْنُ الإِنْسَانِ في قَلْبِ الأَرْضِ ثَلاثةَ أَيَّامٍ وثَلاثَ لَيَال.
رِجَالُ نِينَوَى سَيَقُومُونَ في الدَّيْنُونَةِ مَعَ هذَا الجِيلِ ويَدِينُونَهُ، لأَنَّهُم تَابُوا بِإِنْذَارِ يُونَان، وهَا هُنَا أَعْظَمُ مِنْ يُونَان!
مَلِكَةُ الجَنُوبِ سَتَقُومُ في الدَّيْنُونَةِ مَعَ هذَا الجِيلِ وتَدِينُهُ، لأَنَّهَا جَاءَتْ مِنْ أَقَاصِي الأَرضِ لِتَسْمَعَ حِكْمَةَ سُلَيْمَان، وهَا هُنَا أَعْظَمُ مِنْ سُلَيْمَان!
إِنَّ الرُّوحَ النَّجِس، إِذَا خَرَجَ مِنَ الإِنْسَان، يَطُوفُ في أَمَاكِنَ لا مَاءَ فيهَا، يَطْلُبُ الرَّاحَةَ فلا يَجِدُهَا.
حينَئِذٍ يَقُول: سَأَعُودُ إِلى بَيْتِي الَّذي خَرَجْتُ مِنْهُ. ويَعُودُ فَيَجِدُهُ خَالِيًا، مَكْنُوسًا، مُزَيَّنًا.
حينَئِذٍ يَذْهَبُ ويَجْلُبُ مَعَهُ سَبْعَةَ أَرْوَاحٍ آخَرِينَ أَكْثَرَ مِنْهُ شَرًّا، ويَدْخُلُونَ ويَسْكُنُونَ في ذلِكَ الإِنْسَان، فَتَكُونُ حَالَتُهُ الأَخِيْرَةُ أَسْوَأَ مِنْ حَالَتِهِ الأُولى. هكَذَا سَيَكُونُ أَيْضًا لِهذَا الجِيلِ الشِّرِّير!».
«وهَهُنا أَعظَمُ مِن سُلَيمان!»
"أمّا النبي ناثان، فبعد أن تشاور مع بَثْشَابَعُ، دخل معها ودافعا سويًّا عن مشروعهما أمام الشيخ، أمام الملك الحكيم داود الذي تقدّم في الأيّام" (راجع 1مل 1). وبهذه الطريقة مُسح سليمان ملكًا وٱسمه يعني "الربّ المسالم". وَصَعِدَ جَمِيعُ الشَّعْبِ وَرَاءَهُ. وَكَانَ الشَّعْبُ يَضْرِبُونَ بِالنَّايِ وَيَفْرَحُونَ فَرَحًا عَظِيمًا حَتَّى انْشَقَّتِ الأَرْضُ مِنْ أَصْوَاتِهِمْ لأن الملك أعلن "وَإِيَّاهُ قَدْ أَوْصَيْتُ أَنْ يَكُونَ رَئِيسًا عَلَى إِسْرَائِيلَ وَيَهُوذَا" (راجع 1مل1: 35 و40). إنّ عمليّة مسح سليمان ملكًا هي من دون أدنى شكّ صورة مسبقة عن السرّ الذي أعلنه دانيال: "فجَلَسَ أَهلُ القَضاء وفُتِحَت أَسْفار. كنتُ أَنظر في رُؤيايَ لَيلاً فإِذا بِمِثلِ آبنِ إِنسان آتٍ على غَمامِ السَّماء فبَلَغَ إِلى قَديمِ الأَيَّام وقُرِّبَ إِلى أَمامِه. وأُوتِيَ سُلْطاناً ومَجداً ومُلكاً" (دا 7: 10–14).
وبالتالي، فإنّ مبادرة نبيّ أدّت إلى مسح سليمان ملكًا، كما أنّ الرّب يسوع المسيح، ٱبن الله، إذ حقّق جميع النبوءات بمعناها الرُّوحي، عُرِف كملك مسالم، ملك مجد الآب، الذي يجذب الجميع إليه. مُسِح سليمان ملكًا في حياة والده، كما أنّ الرّب يسوع المسيح أُعلِن ملكًا من قبل الله الآب الذي لا يموت. نعم، جعله قطعًا ملكًا، "وَارِثًا لِكُلِّ شَيْءٍ" (عب 1: 2)، ذاك الذي لا يموت ولن يموت. ولكن ما هو مذهل وفريد أنّ الرّب يسوع المسيح، وارث الآب الحيّ أبدًا والذي يجب ألاّ يموت قد ذاق الموت، مرّة واحدة وإلى الأبد؛ ثمّ عاد إلى الحياة ولن يذوق الموت بعد أبدًا.
ها أنّ "سُلَيْمَانَ ركب عَلَى بَغْلَةِ الْمَلِكِ دَاوُدَ" (راجع 1مل1: 38). أمّا الرَبّ يسوع، فقد جلس على عرش أبيه، أي على الكنيسة جمعاء... "فَوقَ كُلِّ صاحِبِ رِئاسَةٍ وَسُلطانٍ وَقُوَّةٍ وَسِيادَة، وَفَوقَ كُلِّ ٱسمٍ يُسَمّى بِهِ مَخلوق، لا في هَذا ٱلدَّهرِ فَقَط، بَل في ٱلدَّهرِ ٱلآتي أَيضًا" (أف 1: 21)، "جَلَسَ عَن يَمينِ ذي ٱلجَّلالِ في ٱلعُلى" (عب 1: 3). لذا، صعدت الجموع وراءه، شعب يغّني ويفرح، وقد انشقت الأرض من أصواتهم. ونحن أيضًا سمعنا الفرح الكبير لأولئك الذين أعلنوا هذا المجد، فرح الرسل الذين ابْتَدَأُوا يَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَةٍ أُخْرَى (راجع أع 2)، و "في الأرضِ كُلِّها سُطورٌ بارِزة وكَلماتٌ إِلى أَقاصي الدُّنْيا بَيِّنة" (مز19[18]: 5).
#شربل سكران بألله