«أَنتُم تَعبُدونَ ما لا تَعلَمون ونَحنُ نَعبُدُ ما نَعلَم لِأَنَّ الخَلاصَ يَأتي مِنَ اليَهود »
"أَنتُم تَعبُدونَ ما لا تَعلَمون ونَحنُ نَعبُدُ ما نَعلَم لِأَنَّ الخَلاصَ يَأتي مِنَ اليَهود". إنّ كلمة "أنتم" تدلّ حرفيًّا على السامريّين؛ أمّا في المعنى المجازيّ، فهي تدلّ على الذين يفسّرون الكتب المقدّسة بما يتناقضُ مع تفسير الكنيسة لها.
كذلك الأمر بالنسبة إلى كلمة "نحن"، فهي تدلُّ حرفيًّا على اليهود، وفي المعنى المجازيّ، تدلُّ على الكلمة الإلهيّة، تمامًا كما تدلُّ على الذين يبلغونَ الخلاص عن طريق الكتب المقدّسة التي بين أيدي اليهود. لقد كان السامريّون يعبدونَ ما لا يعلمونَ لأنّهم كانوا يجعلونَ من الله مخلوقًا يحدُّه مكان ويتجزّأ إلى أجزاء عدّة.
ففي مخيّلتهم، لم يكن الله أكثر من صَنَم، ولذلك كانوا يمزجونَ بين عبادة الله وعبادة الشياطين.
أمّا اليهود، فكانوا "معصومين" عن هذه الأخطاء، وكانوا يعرفونَ الإله الأوحد لهذا الكون كما أعلنَ ربُّنا يسوع المسيح: "نحن نَعبدُ ما نَعلمُ".
ووضعَ نفسه في عداد اليهود ليردَّ على ظنّ تلك المرأة التي كانت تعتبرُه نبيًّا يهوديًّا، لذلك قالَ: "نحن نَعبدُ"، مع أنّه، بكلّ تأكيد، هو الذي تَعبدُه البشريّة جمعاء...
"لِأَنَّ الخَلاصَ يَأتي مِنَ اليَهود": إنّ هذه العبارة تعني أنّ اليهود هم الذين حفظوا جميع عقائد الخلاص طاهرةً ثمّ انتشرَتْ في الكون كلّه، وهي معرفة الله، وعدم عبادة الأصنام، وسائر الحقائق العقائديّة. إنّ ربَّنا يسمّي حضوره في هذا العالم بالخلاص، ويقولُ أنّ الخلاص يأتي من اليهود حسب ما يأتي على لسان بولس الرسول: "ومِنهمُ المسيحُ مِن حَيثُ إِنَّه بَشَر، وهو فَوقَ كُلِّ شيءٍ: إِلهٌ مُبارَكٌ أَبَدَ الدُّهور. آمين" (رو 9: 5). انظروا كيف يشدّدُ على سلطة العهد القديم ويصوِّرُه على أنّه مصدر كلّ الخيرات، وكيف يُثبتُ أنّه لا يتعارض مع الشريعة.
إنّ ربنا يسوع المسيح يُعطي الكثير لليهود ويُعلنُ باسمهم: "نحن نعبدُ ما نعلمُ". غير أنّه لا يتكلّم على هذا النحو باسم اليهود غير المؤمنين والهالكين، بل باسم أولئك الذين يشبهون الرسل، والأنبياء وسائر القدّيسين الذين كانوا يأتونَ بثمن المبيع فَيلقوه عند أقدام الرسل. (راجع أع 4: 35).
#Saintcharbel22
#شربل سكران بألله