قالَتِ الحِكمةُ: «الرَّبُّ خَلَقَنّي أولى طُرُقِه قَبْلِ أَعْمَالِهِ مُنْذُ الْبَدْءِ
مِن الأَزَلِ أُقِمْتُ مِنَ الأوّل من قَبْلِ أن كانَتِ الأَرْضِ.
وكُنْتُ عِنْدَهُ طِفْلًا وَكُنْتُ في نَعيمٍ يَوْمًا فَيومًا ألعَبُ أَمامَهُ في كلِّ حين
أَلعَبُ على وجْهِ أَرْضِهِ وَنَعِيمِي مَعَ بَنِي البَشَر.
فَٱسمعوُا لي أَيُّهَا الْبَنُونَ فَطُوبَى لِلَّذِينَ يَحْفَظُونَ طُرُقِي.
إِسْمَعُوا التأديب وَكُونُوا حُكَمَاءَ وَلاَ تُهمِلوه.
طُوبَى لِلإِنْسَانِ الَّذِي يَسْمَعُ لِي سَاهِرًا عِنْدَ مَصَارِيعِي يَومًا فيَومًا حَافِظًا عَضَائِد أَبْوَابِي.
فإّنه مَنْ وَجَدَنِي وَجَدَ الْحَيَاةَ وَنَالُ رِضًى مِنَ الرَّبِّ
وَمَنْ أخْطأ إَلِّي ظَلم نَفْسَهُ. كُلُّ من يُبْغِضِيَّ يُحِبُّ الْمَوْتَ».
يا إِخْوَتِي، أَنَا، لَمَّا أَتَيْتُكُم لأُبَشِّرَكُم بِسِرِّ ٱلله، لَمْ آتِ بِبَرَاعَةِ الكَلاَمِ أَوِ الحِكْمَة؛
لأَنِّي قَرَّرْتُ أَنْ لا أَعْرِفَ بَيْنَكُم شَيْئًا إِلاَّ يَسُوعَ المَسِيح، وَإِيَّاهُ مَصْلُوبًا!
وقَدْ جِئْتُ إِلَيْكُم بِضُعْفٍ وَخَوْفٍ وَرِعْدَةٍ شَدِيدَة.
ولَمْ يَكُنْ كَلامِي وَتَبْشِيري بِكَلِمَاتِ الْحِكْمَةِ والإِقْنَاع، بَلْ بِبُرْهَانِ الرُّوحِ وَالقُدْرَة،
لِئَلاَّ يَكُونَ إِيْمَانُكُم قَائِمًا عَلى حِكْمَةِ النَّاس، بَلْ عَلى قُدْرَةِ الله.
غَيْرَ أَنَّنَا نَنْطِقُ بِالحِكْمَةِ بَيْنَ الكَامِلين، ولكِنْ لا بِحِكْمَةِ هذَا الدَّهْر، ولا بِحِكْمَةِ رُؤَسَاءِ هذَا الدَّهْرِ الَّذِينَ مَصِيرُهُم إِلى الزَّوَال.
بَلْ نَنْطِقُ بِسِرِّ حِكْمَةِ اللهِ المَحْجُوبَة، الَّتي سَبَقَ اللهُ فَحَدَّدَهَا قَبْلَ الدُّهُورِ لِمَجْدِنَا.
وهيَ الحِكْمَةُ الَّتي لَمْ يَعْرِفْهَا أَحَدٌ مِنْ رُؤَسَاءِ هذَا الدَّهْر، لأَنَّهُم لَوْ عَرَفُوهَا لَمَا صَلَبُوا رَبَّ المَجْد.
ولكِنْ، كَمَا هوَ مَكْتُوب: «مَا لَمْ تَرَهُ عَيْن، ولَمْ تَسْمَعْ بِهِ أُذُن، ولَمْ يَخْطُرْ عَلَى قَلْبِ بَشَر، قَدْ أَعَدَّهُ اللهُ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَهُ».
لكِنَّ اللهَ أَعْلَنَهُ لَنَا بِرُوحِهِ، لأَنَّ الرُّوحَ يَسْبُرُ كُلَّ شَيءٍ حَتَّى أَعْمَاقَ ٱلله.
#شربل سكران بالله