حينَئِذٍ يَقومُ البارُّ بِجُرأَةٍ عَظيمة في وُجوهِ الَّذينَ ضايَقوه واحتَقَروا أَتْعابَه.
فيَقولُ بَعضُهم لِبَعضٍ نادِمين ونائحينَ مِن ضيقِ صُدورِهم:
«هُوَذا الَّذي كُنَّا حينًا نَجعَلُه ضُحكَةً ومَوضوعَ تَهَكُّمٍ نَحنُ الأَغْبِياء! لقَد حَسِبْنا حياتَه جُنونًا وآخِرَتَه عارًا.
فكَيفَ أَصبَحَ في عِدادِ بَني الله وصارَ نَصيبُه مع القِدِّيسين؟
لقَد ضَلَلْنا عن طَريقِ الحَقّ ولم يُضِئْ لَنا نورُ البِرّ.
فماذا نَفَعَتْنا الكِبْرِياء؟ وماذا أَفادَنا الغِنى الَّذي كُنَّا نَفتَخِرُ بِه؟
أَمَّا الأَبْرارُ فسيَحيَونَ لِلأَبَد وعِندَ الرَّبِّ ثَوابُهم ولَهم عِنايةٌ مِن لَدُنِ العَلِيّ.
فلِذٰلكَ سيَنالونَ إِكْليلَ البَهاء وتاجَ الجَمالِ مِن يَدِ الرَّبّ لِأَنَّه بِيَمينِه يَحْميهِم وبِذِراعِه يَستُرُهم.
يا إخوَتِي، إِنَّكُم لَمْ تَقْتَرِبُوا إِلى جَبَلٍ مَلْمُوس، ونارٍ مُتَّقِدَة، وضَبَابٍ وظَلامٍ وزَوبَعَة،
وهُتَافِ بُوق، وصَوتِ كَلِمَاتٍ طَلَبَ الَّذِينَ سَمِعُوهَا أَلاَّ يُزَادُوا مِنهَا كَلِمَة؛
لأَنَّهُم لَمْ يُطِيقُوا تَحَمُّلَ هذَا الأَمْر: «ولَو أَنَّ بَهِيمَةً مَسَّتِ الجَبَلَ تُرْجَم!».
وكانَ المَنْظَرُ رَهِيبًا حَتَّى إِنَّ مُوسَى قال: «إِنِّي خَائِفٌ ومُرْتَعِد!».
بَلِ ٱقْتَرَبْتُم إِلى جَبَلِ صِهْيُون، وإِلى مَدِينَةِ اللهِ الحَيّ، أُورَشَلِيمَ السَّماوِيَّة، وإِلى عَشَرَاتِ الأُلُوفِ منَ المَلائِكَة، وإِلى عِيدٍ حَافِل،
وإِلى كَنِيسَةِ الأَبْكَارِ المَكْتُوبِينَ في السَّمَاوَات، وإِلى اللهِ ديَّانِ الجَمِيع، وإِلى أَرْواحِ الأَبْرَارِ الَّذِينَ بَلَغُوا الكَمَال،
وإِلى وَسِيطِ العَهْدِ الجَدِيد، يَسُوع، وإِلى دَمِ رَشٍّ يَنْطِقُ بكَلاَمٍ أَفْضَلَ مِنْ دَمِ هَابِيل!
#شربل سكران بالله