قالَ الحكيمُ: «لِذَلِك صَلَّيْتُ فأوتيتُ الفِطْنَة ودَعَوتُ فأَتاني روحُ الحِكْمة.
فَفَضَّلتُها على الصّوالِجَة والعُرُوش وعَدَدتُ الغِنى كَلا شيَئٍ بالقِياسِ إليها.
و لم أُعدِل بها الحجر الذي لا يُقَدَّر لأنَّ كُلَّ الذَّهَبِ بإِزائِها قليلٌ مِنَ الرَّمْلِ والفِضَّةَ عِندَها تُحسَبُ طِينًا.
وأحْبَبتُها فوق العافِيَة والجَمَال وآثَرتُ أنّ أتَّخِذَها قبل النّور لأن رَونَقَها لا يَقِرُّ لَه قرار.
فأَتَتْني معها جَمِيعُ الخَيْرات وعن يَدَيْها غِنًى لا يُحصَى.
فسُرِرْتُ بِهذِه الخَيرَات كلّها لأنها بإمْرِة الحِكْمَة ولم أكن عالِمًا بِأنَّها أُمٌّ لها جَميعًا.
وما تَعَلَّمتُه بإِخلاصٍ أُشْرِكُ فِيه بِسَخاء ولا أكتُم غِنَاها.
فإنّها كَنزٌ لِلنَاسِ لا يَنفَذ والَّذينَ ٱقتَنُوه كَسِبوا صَداقَةَ الله وقد أوصَته بِهم المَواهِب الصَّادِرَة عن التَّأديب.»
يا إِخْوَتِي، مَنْ مِنَ النَّاسِ يَعْرِفُ مَا في الإِنْسَانِ إِلاَّ رُوحُ الإِنْسَانِ الَّذي فِيه؟ كَذَلِكَ لا أَحَدَ يَعْرِفُ مَا في اللهِ إِلاَّ رُوحُ الله.
وَنَحْنُ لَمْ نَأْخُذْ رُوحَ العَالَم، بَلِ ٱلرُّوحَ الَّذي مِنَ الله، حَتَّى نَعْرِفَ مَا أَنْعَمَ بِهِ ٱللهُ عَلَيْنَا مِنْ مَوَاهِب.
ونَحْنُ لا نَتَكَلَّمُ عَنْ تِلْكَ ٱلمَوَاهِبِ بِكَلِمَاتٍ تُعَلِّمُهَا ٱلحِكْمَةُ البَشَرِيَّة، بَلْ بِكَلِمَاتٍ يُعَلِّمُهَا ٱلرُّوح، فَنُعَبِّرُ عَنِ ٱلأُمُورِ الرُّوحِيَّةِ بِكَلِمَاتٍ رُوحِيَّة.
فَٱلإِنْسَانُ الأَرْضِيُّ لا يتَقَبَّلُ مَا هُوَ مِنْ رُوحِ ٱلله، لأَنَّ ذَلِكَ عِنْدَهُ حَمَاقَة، ولا يَسْتَطيعُ أَنْ يَعْرِفَ مَا هُوَ مِنْ رُوحِ الله، لأَنَّ الحُكْمَ في ذَلِكَ لا يَكُونُ إِلاَّ بِالرُّوح.
أَمَّا الإِنْسَانُ الرُّوحَانِيُّ فَيَحْكُمُ عَلى كُلِّ شَيء، ولا أَحَدَ يَحْكُمُ عَلَيْه.
فَمَنْ عَرَفَ فِكْرَ الرَّبِّ لِيُعَلِّمَهُ؟ أَمَّا نَحْنُ فَلَنَا فِكْرُ المَسِيح!
#شربل سكران بالله