ولدت بولكاريا سنة 399، ابوها الملك اركاديوس بن تاودوسيوس الكبير وامها الملكة افدوكيا. توفي ابوها ولها من العمر عشر سنوات ولاخيها الوحيد تاودوسيوس الصغير ثمان سنوات ولها اختان اصغر منها. وفي سنة 412 نودي بها مدبرة للملكة مع اخيها التي عنيت بتربيته على روح الفضيلة ومبادئ الدين القويم. وعلى رغم حداثتها اظهرت كل حذاقة وحكمة في ادارة شؤون المملكة، لانها اتكلت على الله في جميع امورها وامتازت بفضائلها، حتى قيل انها كانت مزدانة بأجمل الصفات خَلقاً وخُلقاً. ومنذ صباها نذرت بتوليتها لله واقنعت اختيها بالاقتداء بها. فعشن معاً، عاملات على ما فيه الخير والصلاح. ولم تكن تأذن لرجل بالدخول الى دارهن حرصاً على فضيلتهن الملائكية. وكانت تصوم يومين في الاسبوع وتغدق حسناتها على الفقراء بحيث لم تدع فقيراً او محتاجاً في المملكة.
اشتهرت بغيرتها على الدين وتعزيز رجاله والدفاع عن المعتقد الكاثوليكي المقدس. وابدت من الحكمة والشجاعة ما يعجز عنه كبار الرجال. وكافحت ما ظهر في ايامها من البدع ولا سيما هرطقة نسطور المجدف على أم الله. فدفعت اخاها الى عقد المجمع المسكوني الثالث في افسس 431، بالاتفاق مع البابا سلستينس الاول.
ولم تكن مهام المملكة لتمنعها عن ممارسة اسمى الفضائل والمواظبة على الصلوات والتقشفات والقراءة الروحية والتأمل، فكان هذا لأخيها عبرة وموعظة. على انه انقاد لبعض المخادعين، فأبعدها عن قصره، فتشوَّه وجهُ سياسته. ومن اخطائه مناصرته لاوطيخا المبتدع وتحامُله على القديس فلافيانوس بطريرك القسطنطينة ونفيه. فكتب اليها البابا القديس لاون يدعوها لملافاة تلك الاخطاء فتركت عزلتها وأتت تؤنّب أخاها وتبين له مواطن الضعف والنقص فيه، فأصغى لها وندم على ما فعل ومات تائبا.
وخلفه في المُلك مركيانوس الغيور على الايمان القويم، وبما انه كان متجملاً بسمو الفضائل وحسن المزايا خطب ودها، فارتضت القديسة ان تقترن به بسر الزواج المقدس. ومن مساعيهما الجليلة التأم المجمع الرابع المسكوني الخلكيدوني سنة 451، الذي حرم اوطيخا وهرطقته ومشايعيه، كما مر ذكره امس. ثم رقدت القديسة بالرب عن 55 عاماً وذلك سنة 454 بعد ان اوصت بأموالها كلها للفقراء والمساكين. صلاتها معنا. آمين!
#شربل سكران بألله