يخبرنا الانجيليون الثلاثة متى ومرقس ولوقا عن حادثة التجلي فيقول القديس متى في الفصل السابع عشر: وبعد ستة ايام مضى يسوع ببطرس ويعقوب واخيه يوحنا، فانفرد بهم على جبلٍ عالٍ وتجلّى بمرأّى منهم. واذا موسى وايليا قد تراءيا لهم يكلمانه. فقال بطرس ليسوع:" رَبِّ، حسن ان نكون ههنا، فان شئت، نصَبتُ ههنا ثلاثَ مظال: واحدة لك وواحدة لموسى وواحدة لايليا". وبينما هو يتكلم ظلَّلهم غمام نيِّر، واذا صوت من الغمام يقول:" هذا هو ابني الحبيب الذي عنه رضيت، فله اسمعوا". فلما سمع التلاميذ هذا الصوت، اكبّوا بوجوههم، وقد استولى عليهم خوف شديد. فدنا يسوع ولمسهم وقال لهم:" قوموا، لا تخافوا". فرفعوا انظارهم، فلم يروا الا يسوع وحده.
ان السيد المسيح بتجلّيه هذا اراد أن يُظهِر عما يكون مجده في ملكوته السماوي لمن يكفر بنفسه ويحمل صليبه ويتبعه، فانه يحصل على صفات الطوباويين الاربع اي عدم التألم والضياء وسرعة الانتقال والتجرد عن الكثافة. والقديس توما اللاهوتي في كلامه عن التجلي يقول: ان المخلص، بعد ان اوصى تلاميذه وجميع المؤمنين بان لا بد لكل منهم ان يحمل كل يوم صليبه ويتبعه. اراد ان يريهم لمحة من المجد المعد لحاملي ذلك الصليب. وهذا ما قاله بولس الرسول:" إنّا إن متنا معه فسنحيا معه وان صبرنا فسنملك معه" (2تيمو 2: 11 -12).
ويعتقد القديس توما ان في حادث التجلي هذا ظهوراً جديداً للثالوث الاقدس: فالآب بالصوت والابن هو المتجلي والروح القدس السحابة المنيرة. وصوت الآب الهاتف من السماء: هذا هو ابني الحبيب الذي عنه رضيت، فله اسمعوا. يعني ان ثقوا به ولا ترتابوا في ما يقوله لكم. كل ذلك لكي يثبتهم في الايمان به، وإن رأوه مصلوباً وميتاً لكي يشجعهم على احتمال العذاب والموت، رجاء الحصول على المجد في السماء الذي اظهر لهم مثاله في تجليه.
بركات هذا التجلي تكون معنا. آمين!