ولدت برباره في مدينة نيقوميدية. وكان ابوها ديوسيقورُس غنياً وثنياً متعصباً. فأحسن تربيتها بالهلوم والآداب. وبما انها كانت رائعة الجمال وضعها في برج حصين، واقام من حولها الاصنام لتظل متعبدة للآلهة.
فأخذت تتأمل في هذا الكون وتبحث عن مبدعه. ولم تر في الاصنام سوى حجارة صُم لا يرجي منها خير. فأتاح لها الله ان اتصلت بالمعلم فالنتيانوس فاخذ يشرح لها اسرار الديانة المسيحية وتعاليم الانجيل السامية. فأذعنت بربارة لهذا المرشد الحكيم وآمنت بالمسيح وقبلت سر العماد المقدس، ونذرت بتوليتها للرب يسوع.
وكانت مثابرة على الصلاة والتأمل وقراءة الكتب المقدسة. وامرت خدامها، وبينهم مسيحيون، بتحطيم ما حولها من الاصنام. غضب ابوها واوسعها شتماً وضرباً وطرحها في قبو مظلم، فقامت تصلِّي الى الله ليقويها على الثبات في ايمانها.
وفي الغد أتى بها ابوها، مكبَّلة بالسلاسل، الى الوالي مركيانوس. فاستشاط الوالي غيظاً من ثباتها في الايمان بالمسيح، وامر بجلدها باعصاب البقر، فتمزّق جسدها وتفجرت دماؤها، وهي صابرة صامتة.
ثم طرحوها في السجن، فظهر لها السيد المسيح وشفاها من جراحها.وفي الصباح رآها الحاكم صحيحة الجسم مُشرقة الوجه، فابتدرها قائلاً: ان الآلهة شفقت عليها وضمَّدت جراحها. فأجابت:" ان الذي شفاني هو يسوع المسيح رب الحياة والموت". فتميَّز الحاكم غيظاً وامر بجلدها ثانية حتى تناثرت لحمانها. ثم امر بقطع رأسها فتمت شهادتها عام 235. صلاتها معنا. آمين.
وفي هذا اليوم أيضاً
تذكار مار يوحنا الدمشقي
ولد يوحنا في مدينة دمشق الشام، في اواخر القرن السابع، وكان ابوه سرجيوس ابن منصور حاكماً على المدينة، مشهوراً بالفضل والتُّقى، فاهتم بتربية ابنه وتثقيفه ثقافة عالية.
وبعد وفاة ابيه سرجيوس، أسندت اليه وظيفته. وكان الخليفة يجلُّه ويعتبره جداً فقرَّبه منه وجعله نجيَّ سرِّه.
وفي تلك الاثناء، اشهر الملك لاون الايصوري الحرب على الصور والايقونات مُهدِّداً بالعذاب والموت كل من يُقدم على تكريمها.
فقام يوحنا يناهض تلك البدعة ويدافع بقلمه ولسانه عن تكريم الايقونات وعن تقليد الكنيسة وعن معتقدها الصحيح، بأن اكرامها للأيقونات موَّجه الى اشخاصٍ مَن تمثلهم، طلباً لشفاعتهم، وليس للمادة التي تمثل الاشخاص، كما كانت عبادة الوثنيين لأوثانهم.
فكان ذلك سبباً لاثارة غضب الملك... فزوَّر رسالة تقلَّد بها خط يوحنا وضمَّنها الشكوى من سوء معملة المسلمين للمسيحين، وانه يطلب ارسال جيش لمحاصرة دمشق وهو يفتح له ابوابها. وارسل الملك تلك الرسالة المزوَّرة الى الخليفة. فاستشاط غيظاً، وعلى الفور، استحضر يوحنا وكاد يفتك به، دون ان يحاكمه او يسمع له.
ولكن الخليفة تأكد براءة يوحنا ورداءة خصمه لاون، فاعاده الى وظيفته. اما هو فقد عاف الدنيا، وترك وظيفته وباع املاكه ووزع ثمنها على الفقراء والايتام، وذهب الى فلسطين ودخل دير القديس سابا، حيث انكبَّ على ممارسة الحياة الرهبانية بكل دقة ونشاط، منعكفاً على التآليف ومطالعة الكتب المقدسة. وامتاز بفضلتي الطاعة والتواضع وقد زاره البطريرك يوحنا الاورشليمي ووكل اليه الوعظ والارشاد في كنيسة القيامة.
ولم يتخلف عن الذهاب الى القسطنطينية للدفاع عن المعتقد الكاثوليكي، ضد محاربي الايقونات، بما اوتيه من جرأة وفصاحة نادرة.
ثم عاد الى ديره في فلسطين، حيث قضى سنيّه الاخيرة في الصلاة وتأليف الكتب ونظم الاناشيد الكنسية البديعة، ورقد بالرب نحو سنة 756. صلاته معنا. آمين.
#شربل سكران بألله