ولد هذا القديس العظيم في ايطاليا سنة 480 وهو سليل أسرة شريفة غنية وتقية. فأرسله والده الى روما لاقتباس العلوم فبرع فيها. لكن ما كان يراه من سوء السلوك في رفقائه ومن المفاسد والشرور في تلك العاصمة، دفعه الى تركها والرجوع الى بيت أبيه. وما لبث ان عقد النيَّة على الزهد في الدنيا، وهو في الرابعة عشرة من العمر. فانسل ذات يوم من بيت أبيه، سراً. تاركاً ما فيه من ثروة ونعيم ليكون بكليته لله في العزلة والانفراد. فسار في الجبل حيث التقى براهب قديس اسمه رومانوس، سأله قصده، فابدى له عن رغبته في التنسك فالبسه الاسكيم الرهباني. فقام بنديكتوس يناجي الله في خلوته السعيدة، ممارساً الصلوات والاصوام مدة ثلاث سنوات، حتى تسامى بالكمال. فاشتهرت قداسته عند المجاورين لمنسكه. واذ كان ابليس يجربه كان يطرح ذاته على الاشواك، الى ان تفارقه التجربة. وقد خاض هذه المعركة مراراً، حتى انتصر اخيراً انتصاراً باهراً فمنحه الله عفَّة ملائكية مدى الحياة. فقصده الكثيرون يرغبون في الاقتداء بسيرته، منهم الشابّان تلميذاه موريس وبلاسيد. ولمّا كثر عدد تلاميذه، أنشأ لهم اثني عشر ديراً. وكان هو يرشدهم ويهتمّ بأمورهم. وفي سنة 530 أوحى الله اليه أن يذهب الى جبل عال منفرد يدعى جبل كاسينّو، حيث بنى الدير الرئيسي للرهبانية البندكتية.
وقد وضع قانوناً مشهوراً لرهبانه، يشفّ عمّا في تلك النفس الابيّة المتحدة بالله. ثم انتقل الى رحمته تعالى في 12 اذار سنة 547 بعد ان قضى في ديره في جبل كاسينّو نحو ثلاث عشرة سنة. وبعد موته، انتشرت رهبانيته واديرتها في جميع الاقطار. وقدَّمت للكنيسة وللانسانية وما زالت، خدماً جليلة كبيرة. وكان من رهبانه باباوات عظام، وقديسون، واساقفة كثيرون، وعلماء قد افادوا الكنيسة وشرّفوها بسامي فضائهم، وغزير علومهم. صلاته معنا. آمين.
#شربل سكران بألله