«بَعدَ قَليلٍ لَن يَراني العالَم »
من القديس يوحنا الذهبي الفم.
بعد أن أفاض الفرح في نفوس تلاميذه من خلال وعده لهم بإرسال الرُّوح القدس إليهم، أحزنهم المخلّص مجدّدًا حين قال لهم: " بَعدَ قَليلٍ لَن يَراني العالَم". لقد تصرّف بهذه الطريقة ليعوّدهم على فكرة رحيله القريب من خلال هذه اللغة الحزينة والقاسية؛ فلا شيء يستطيع تسكين النفس الغارقة في الحزن والألم مثل التفكير المتكرّر بالدوافع التي أدّت إلى هذا الحزن. قال: "بَعدَ قَليلٍ لَن يَراني العالَم"، لأنّه أوقف في تلك الليلة من قبل اليهود، وصُلِب في اليوم التالي، ودُفِن في المساء واختفى بالتالي عن أنظار البشر. من خلال التأمّل جديًّا بهذه الكلمات: "لأَنِّي ذاهِبٌ إِلى الآب" (يو 16: 12)، نجد دافع مؤاساة، لأنّ ربّنا أظهر بهذه الطريقة أنّه لن يموت بدون عودة، وأنّ موته ليس سوى عبور من هذا العالم إلى الآب. كما قام أيضًا بمؤاساتهم حين أضاف قائلاً: " أَمَّا أَنتُم فسَتَرونَني لِأَنِّي حَيٌّ ولأنَّكُم أَنتُم أَيضًا سَتَحيَون"؛ فقد أبلغهم من خلال هذه العبارة بأنّه سيعود، وبأنّ الافتراق سيكون قصيرًا وبأنّ اللقاء معهم سيدوم إلى الأبد.
#شربل سكران بألله