وقف العود الجميل من ألغاب، والذي كان مزروعاً في بستان جميل، تنساب المياه تحته،ويداعب النسيم أوراقه.
فتمتزج موسيقاه بشدو الطيور،كان يتمتّع بحياة بهيجة سعيدة.
على أنه في ذات يوم، أحسّ بألم حادّ عميق، إذ أبصر سكّيناً حادّة تقطعه من الأصول.
وأخذ من مكانه وطرح على الأرض، كان يبكي ويصرخ،ولم ينفع بكاؤه، أو يشفع صراخه؛ بل عملت السكين فيه، وأخذت تقطع منه قطعاً، وتثقبه ثقوباً.
وهو لا يعلم السر فيما يحدث له، إلى أن جاء يوم، وضعه رجل في فمه، ونفخ فيه، وإذ به يخرج منه أجمل الأنغام وأروعها.
لقد جـاز عـود الغـاب الآلام فحولته إلـى مزمار فكثيراً ما تكون آلام الإنسان هي الطريقإلى أن يصبح مزماراً خالداً في كل الأجيال.
فالآلام هي طريق المجد الخالد.
لولا كثرة الثقوب الموجودة في (الناي) ما أخرج هذه الألحان العذبة الجميلة.
فبدون هذه الثقوب يصبح مجرد قطعة من البوص لا قيمة لها.
وآلام الحياة تجملنا وتجعلنا أكثر نفعاً، وتخرج من قلوبنا أجمل الألحان وأعذب الأنغام.
عزيزي...
إنّ من سلّم حياته للمسيح عليه أن يسلّم نفسه أولاً :
لـروضة التهذيب
ثم مدرسة الألم الإبتدائيّة
ثم إلى معهد الآلام العليا
لأنه من المستحيل أن ندخل إلى شركة مجده دون أن نجوز شركه آلامه.
الحياة ما هي إلّا مدرسة عظيمةأستاذها الزمن ودروسها التجارب.
#شربل سكران بألله