ترك أحد الرهبان ديره في غزة حيث وُلد ونشأ.. وذهب للعمل على رصيف ميناء مدينة الإسكندرية كحمّال.
وفي ذلك الزمن كان من المعتاد أن يمتلئ الرصيف ببائعات الهوى.
وكان الراهب يعمل طول النهار بجهد كبير ليجمع أكبر قدر من المال،
وفي المساء ينفق كل ما كسبه على أحدى بائعات الهوى.وكان يتنقل بين معظهم.
لقد كان بحق هذا الراهب عاراً على كل المسيحيين في المدينة وفضيحة ووصمة عار للكنيسة كلها.
ومرت السنين وهو مستمر في أفعاله المشينة وحياته الفاجرة،
بالرغم من النصائح. وبالرغم من محاولة الكثير إقناعة بالرجوع عن طريقه الذي يؤدي إلى الهلاك.
وكما هو مصيرنا جميعاً، أتاه الموت وهو مستمر في أفعاله، أتاه الموت فجأة، وكأنه أتى لينقذه -كملجأ آخير- من خطاياه التي استمر بارتكابها إلى لحظة موته.
لكن المسيحيين قرروا أن يصلوا عليه ويدفنوه كأي إنسان مسيحي.
فأتى الكهنة ليدفنوه ويدفنوا الفضيحة معه. وانتشر الخبر بأن الراهب القذر العجوز صديق الزانيات قد مات.
عند صلاة الجناز، امتلأت الكنيسة عن اخرها، وكان معظم الحاضرين نساء من الاسكندرية محتشمات مسيحيات، وكأنّهم أتين ليودّعن قديس عظيم لا إنساناً مات بخطيته!
.
أحد الموجودين من الرجال تعرّف على واحدة من النساء الحاضرات،
وتذكرها جيداً، إنها إحدى بائعات الهوى التي قد رآها قبل زمان بعيد عند رصيف الميناء،
لكنها تغيرت ولم تعد كما كانت في السابق. وغيرها الكثير من النساء الحاضرات
، تذكر الحضور انهم من النساء اللاتي كان يبعن اجسادهم عند الميناء.
من ثمّ عرفت المدينة أنّ الراهب العجوز كان قديساً
يدفع المال الذي يكسبه لبنات الهوى لكي لا يحتاجوا إلى الخطيئة لكي يعيشوا،
كان يتكفل بمصاريفهم حتى يبتعدوا عن حياة الخطيئة.
عرفت المدينة أن الرجل الذي اعتبروه فضيحة كان الطهارة بحدّ ذاتها، المحبةَ في أروع صورها.
لا يُحكَم على أحد من خلال ما يظهر من حياته،
فلا نضع قناعاً على الشخص الآخر لكي يتناسب مع ما أريد أن أرى؟
قد يكون ذلك لأني أخشى أن ينكشف قناعي.
من السهل أن ندين وأن ندمّر، لكن من الصعب النطق بكلام حسن
والعمل من أجل الخير العام. إننا نتبنى مواقف لأنفسنا تقود إلى مختلف أشكال الإدانة…
هذا هو قصة قديس حقيقي.. القديس: "ڤيتاليوس الراهب" وتذكاره يوم 11 يناير
#شربل سكران بألله