نشأ هذا الشاب في عائلة غنيّة، ومنذ صغَره تربّى وتدرّب على الإتكال على نفسه.
كان والده فخوراً جداً به، فتعلّم في أفضل المدارس، وكان من المتفوّقين، فكان الجميع يمدحونه.
ولم يكن ناجحاً فحسبْ في دروسه، بل كان هذا الشاب "كابتن" لفريق السباحة في الجامعة، طلب منه أن يمثل بلده في فريق السباحة للألعاب الأولمبية القادمة.
منذ الصغر تعلّم بأنّ الله غير موجود، وأنّ وجود الإنسان على الأرض هو نتيجة تفعالات وتضاربات حصلت منذ ملايين السنين، فتركّزت في عقله هذه الأفكار التي تشرّبها من والده منذ الصغر.
كان لهذا الشاب، صديق في الجامعة مؤمن، كان يثق به جداً، وأحياناً كان هذا الصديق المؤمن يكلّمه عن الربّ يسوع وعن محبّة الله للإنسان، وصحّة الكتاب المقدّس ، لكن هذا الشاب الملحد لم يكن يعطي الموضوع أي أهميّة، وبالرغم من أنّه قدّم له مراراً دعوات للذهاب معه إلى الكنيسة، كان هذا الشاب الملحد يرفض بإستمرار داعياً بأنه لن يتعلّم أي شي من أشخاص بسطاء يؤمنون بوجود الله، وكان يفضّل الذهاب إلى مسبح الجامعة ليتدرّب أكثر على السباحة وفنون الغطس في الماء.
ذات ليلة، ذهب هذا الشاب الملحد إلى مسبح الجامعة كالعادة ليمضي بعض الوقت في التدريب على القفز في بركة السباحة.
كان القمر ساطعاً بنوره من خلال الشبابيك الكبيرة للمسبح، والسكون يخيم على المسبح.
فرح الشاب لعدم وجود أي شخص في المسبح، فلم يهتم في إشعال الأنوار، إذ كان نور القمر منبسطاً من خلال نوافذ المسبح الكبيرة.
صعد هذا الشاب على السلّم الأعلى في المسبح، وتقدّم إلى حافة منصّة القفز، ثم نصب يديه قبل الإستعداد للقفز، فترائ له شكل صليب على الحائط، إذ سطع نور القمر على جسمه وعلى ذراعيه المبسوطتان.
فكّر هذا الشاب ولأول مرة في الصليب المرسوم أمامه على الحائط، تذكّر ما كان يقوله له صديقه عن موت المسيح على الصليب محبّة له.
وهناك وهو على تلك المنصّة ، ركع وكلّم الله لأوّل مرّة قائلاً :
يا ألله أنا لا أعرفك، وربما لن أعرف تماماً من أنت، لكن إن كنت قد أرسلت إبنك لكي يموت عني على الصليب فأنا أحبك وأشكرك على ما فعلته لأجلي.
أرجوك أن تقبلني.
لم تأخذ كلماته هذه إلاّ لحظات قليلة، لكنه شعر بفرح عجيب يملأ كيانه، فقد كانت هذه أوّل مرّة يصلّي بها.
وقف هذا الشاب مرّة أخرى على حافة المنصّة مستعداً ليقفز، وإذ بباب المسبح يفتح والمسؤول عن الصيانة يدخل، ويشعل الأنوار في المسبح، نظر هذا الشاب إلى أسفل، وإذ به يرى المسبح فارغ من الماء، إذ كان المسؤول قد أفرغه لإصلاح شق في داخله.
لم يقف بين هذا الشاب والموت إلاّ لحظات قليلة، ولو فكّرنا مليًّا لأدركنا بأنّ الربّ هو الذي وقف بين الموت وبين هذا الشاب، محبة به.
صديقي...
كم من مرّة يحف بنا الخطر والموت، لكن رحمة الله تعطينا فرصة أخرى، ألّا ننتبه.
إنّ الله يكلّمنا من خلال هذه الأمور جميعها، منتظراً ومتوقعاً منّا أن ننتبه قبل فوات الأوان...
فهل تلتفت إليه، وتقبل غفرانه الذي قدّمه بإبنه محبة لك.