كان (هوارد) وهو شاب صغير يجول سيراً على الأقدام ليبيع بعض الملابس ليسدّد نفقات تعليمه.
وفي يوم كان خائر القوى من الجوع ولا يمتلك إلّا ١٠ سنتات لا تكفي لشراء ما يشبع جوعه فقرّر أن يطلب طعاماً من أوّل منزل يقابله ولمّا قرع الباب فتحت له فتاة رقيقة وجميلة فسألته عمّا يريد، خجل أن يطلب منها طعاماً فطلب كوب من الماء البارد ولكنّها لما رأت الجوع والإجهاد بادياً عليه أحضرت له كوب الماء ومعه كوباً كبيراً من الحليب الساخن وعلى الفور إبتدأ يشربه ليسدّ جوعه وعندما سألها عن الثمن الَّذي يجب عليه أن يدفعه، أجابته بكل لطف وذوق مسيحي ( لقد تعلّمت أن لا أتقاضى أجراً عن عمل طيّب أقوم به).
فشكرها بعمق وغادر المكان مرّت أعوام وتغيّرت الأحوال وأصبح الشاب الفقير هو الدكتور (هوارد كيلى) رئيس قسم أمراض النساء والولادة بمستشفى جونس هوبكينز الشهيرة كما صارت الفتاة الصغيرة شابّة كبيرة ومرضت مرضاً عضالاً لم يعرف أن يعالجه ولا حتّى يشخصّه أي طبيب في بلدتها الصغيرة.
فأرسلوها من مستشفى لأخرى حتّى وصلت إلى المستشفى الشهيرة لتكون بين يديّ أعظم الأطبّاء الدكتور هوارد كيلي.
وبينما كان الدكتور هوارد يمرّ على مرضاه شاهد هذا المريضة وقرأ عنوانها وتذكّر الماضي وكأنّه في حلم جميل قائلاً :
(أه إنّها نفس الفتاة الرائعة الرقيقة الّتي قدّمت لي كوب الحليب وأنا جائع) ورغم أنّه لم يقل لها شيئاً لكنّه إعتنى بها عناية خاصّة وبدأت معركته مع المرض اللعين فأجرى لها الفحوصات ثمّ عمليّة جراحيّة بكلّ مهارة وإعتنى بها جدًّا حتّى تمّ شفاؤها تماماً وجاء وقت خروجها من المستشفى.
فطلب الدكتور هوارد من إدارة خزينة المستشفى فاتورة العلاج والَّتي كانت باهظة نظراً لإرتفاع تكاليف العمليّة والعلاج وكتب بخط يديه تحت الرقم المطلوب :
(خالص مع الشكر بكوب حليب)
ووقّع بإمضائه...
وصلت الفاتورة للشابّة وكان قلبها ينبض سريعاً فقد كانت تظنّ أنّ عليها أن تعمل بكل جهد طوال عمرها لتسدّد التكلفة، ولمّا فتحت الفاتورة فوجئت بأنّها قد تسدّدت مع توقيع الدكتور هوارد الَّذي أتى بنفسه ليذكّرها بما قدّمته له وهو جائع وكيف أنّه يحاول أن يسدّد (فاتورة المحبة والخير) الّذي قدّمته له وقتها.
عزيزي القارىء :
من أعجبك ؟
هل هذه الفتاة الَّتي قدّمت الحليب ؟
أم الطبيب الَّذي عالجها مجّاناً؟
لقد أعجبني كلاهما وتذكّرت الآية :
"فإنّ الّذي يزرعه الإنسان إيّاه يحصد أيضاً........... فلنعمل الخير للجميع"
(غل ٧:٦-١٠)
عزيزي القارىء :
إنّ أعظم فاتورة محبّة هي الَّتي قدّمها لنا الربّ يسوع المسيح الَّذي "صنع بنفسه تطهيراً لخطايانا"
(عبرانيين ١ _ ٣)
وهو الَّذي "أحبَّنا وقد غسلنا من خطايانا بدمه"
(رؤيا ١-٥)
نعم" لقد أحبّ المسيح أيضاً الكنيسة أاسلم نفسه لأجلها"
(أفسس ٥ - ٢٥)
فهل تأتي إليه الآن مصلّياً معييا من وعدت أنّك لن تنسى كأس ماء أنت لأجلي سفكت كل الدماءأقبلك وأعطيك حياتي بكلّ رضاءفإمتلكني لأنتظرك وأعيش معك حتّى السماء. آميـــــــن.
#شربل سكران بألله