📜تأمل في إنجيل اليوم من البابا بولس السادس بابا روما.
«ومَتى جاءَ المُؤيِّدُ الذي أُرسِلُه إلَيكُم مِن لَدُنِ الآب رُوحُ الحَقِّ المُنبَثِقُ مِنَ الآب فهُو يَشهَدُ لي»
إنّ الكنيسة تنمو بفضل مساندة الرُّوح القدس. فهو أصل حياة هذه الكنيسة، وهو الذي يفسّر للمؤمنين المدلول العميق لتعليم الرّب يسوع وسرّه. وهو الذي اليوم، أسوة به في أوائل عهد الكنيسة، يعمل في كلّ مَن يقوم بالبشارة الإنجيليّة، إذا ما سلّم نفسه ليتملّكها هو يقودها، ويضع على فمه الألفاظ التي ما كان ليستطيع وحده أن يجدها، ويوفّر أيضًا الإعداد التمهيدي لنفس مَن ينصت، فيجعله متفتحًا مرحّبًا بالخبر السارّ وبالملكوت المُعلن. إنّ الفنون المختلفة في نشاط البشارة مفيدة، ولكن أكثرها إتقانًا لا يمكن أن تحلّ محلّ عمل الرُّوح القدس الخفي الرقيق. ومهما توفّر من إتقان دقيق في إعداد وتحضير القائم بالبشارة فهذا لا يجدي نفعًا دون عمل قوّة الروح. وبدونه يكون الجدل أيّة كانت قوّة حجّته، عاجزًا عن التأثير في عقول الناس. ومن دونه، سرعان ما يتّضح أنّ البحوث الاجتماعية والنفسيّة، مهما بذل فيها من جهود، خاوية خالية من كلّ قيمة. ونعيش في الكنيسة فترة ممتازة للرُّوح. ففي كلّ مكان يسعى الناس للتعرّف عليه تعرّفًا أفضل، حسبما يكشف عنه الكتاب. ويشعرون بالفرح إذ يضعون أنفسهم في محور نشاطه، ويلتئمون حوله، ويرغبون في التسليم بأنفسهم لقيادته. فإن كان لروح الله مكانة سامية في حياة الكنيسة كلّها إلاّ أنّه يعمل بالأكثر في شأن رسالة البشارة الإنجيليّة. وليس من قبيل المصادفة أن يكون الانطلاق الكبير للبشارة بالإنجيل، قد حدث في صبيحة العنصرة، بفضل حلول الرُّوح. ونستطيع أن نقول أنّ الرُّوح القدس هو العامل الأساسي في البشارة الإنجيليّة: فهو الذي يدفع كلّ امرئ إلى إعلان الإنجيل، وهو الذي داخل قرارة الضمائر يدفع كلّ إنسان إلى قبول وإدراك "كلمة الخلاص". كذلك يُمكننا القول أيضًا إنّه هو حَدُّ البشارة وغايتها: هو وحده الذي يوقظ الخليقة الجديدة، والإنسانيّة الجديدة التي ينبغي أن تصل إليها البشارة، مع الوحدة في التنوّع، ممّا تصبو البشارة إلى تحقيقه في البيعة المسيحيّة. ومن خلال الروح يتغلغل الإنجيل في قلب العالم. لأنّه هو الذي يتيح تمييز علامات الأزمنة – علامات الله – التي يكشفها عمل البشارة ويستثمرها داخل التاريخ.
#شربل سكران بألله