اعتادَ القدّيس شربل على النّهوضِ باكرًا جدًّا من النّوم، فحينما يُقرع جرس النّهوض، كان يرى الرّهبان الأبّ شربل راكعًا نصبًا قرب الباب، حاملاً كتابه بيده، ضامًّا يده الثّانية إلى صدره، ووجهه نحو الأرض.
بعد صلاته الصّباحية، كان شربل يتوجّه إلى القدّاس الإلهي. وحينما ينهي، يتّجه إلى عمله من دون لهوةٍ ومعه الحبلة والمعولة. فيمشي سيرًا مسافات طويلة في الحقل وبيده المسبحة الوردية. يُصلّي ويصلّي من دون أن يلتفت لا يمينًا ولا يسار. إن توجّه أحدٌ له بالقول “المجد لله”، تراه مجيبًا “الله يباركك”.
لدى وصوله إلى الحقل، يبدأ القدّيس بالعمل بكلِّ نشاط. يثابر على العمل، لا يرفع رأسه من الأرض، بل يضربها بكلّ قوّته ويكدّ نفسه حتّى يجري العرق متصّبًا من جبينه. حتّى في أيّام الحرّ، لا يرفع أبدًا الأب شربل قلنوسته عن عينيه. وحينما يقرّر ان يجلس ليستعيد قواه، تراه جالسًا على حدة وانفراد، لا يتكلّم مع أحد ولا يشرب حتّى قطرة ماء.
وحينما يقرع جرس الصّلاة، ينعزل القدّيس شربل راكعًا ورافعًا يديه ليصلّي. من ثمّ يعود إلى عمله. لا يتذمّر ولا يتأفّف.
وكان الرّهبان والأجراء حوله يهابونه ويحترمون فضائله ويتحاشون أن يثرثروا وهو حاضر. لم يكن يهتمّ أبدًا لما يجري من حوله إن كان ذلك على صعيد البلد أم الدّير. بل كان فقط يهتمّ بعمله مع ربّه تاركًا كلّ شيء لعناية الله.
اعتادَ شربل على البقاء إلى وقتٍ متأخّرٍ في عمله حتى غياب الشّمس. وعند المساء، كان يجمع الحطب والغوف ويحملها على ظهره ويعود إلى الدّير رازحًا تحتها ومسبحته بيده وهو يصلّي.
أما أيّام الآحاد والأعياد، فما كان يفارِق أبدًا الكنيسة أو غرفته، بل كان يمضي نهاره فيها مصلٍّ ومتأمّلٍ.
#شربل سكران بألله